للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعوام في خمول، وهو يشهد سقوط قواعد الشرق المتوالى في أيدي النصارى، إلى أن وصل الأرجونيون إلى بلده واستولوا عليها، وذلك في سنة ٦٤٤ هـ (١٢٤٦ م) فعندئذ عول على مغادرة الأندلس قاطبة، وركب البحر في أهله إلى تونس، ونزل بها في كنف أميرها، إلى أن توفي سنة ٦٦٨ هـ (١٢٦٩ م) (١).

وكان الأرجونيون خلال ذلك قد استولوا على ثغر دانية، وذلك في شهر ذي الحجة سنة ٦٤١ هـ (مايو ١٢٤٤ م)، وبعد ذلك بنحو عامين استولوا على شاطبة، وذلك في آخر صفر سنة ٦٤٤ هـ (يوليه ١٢٤٦ م). وكانت شاطبة منذ أيام المتوكل ابن هود، قد تولى رياستها من قبله يحيى بن أحمد بن عيسى الخزرجى، فلما توفي في شعبان سنة ٦٣٤ هـ، وليها من بعده، ولده أبو بكر محمد، وولي كذلك دانية حيناً، واستمر على ولايته لشاطبة أعواماً من بعد سقوط بلنسية، وهو يصانع الملك خايمى، ويؤدى إليه ما شاء من جزية، إلى أن قرر خايمي في النهاية الاستيلاء عليها، فدخلها الأرجونيون صلحاً في التاريخ المتقدم (صفر ٦٤٤ هـ) وذلك بعد حصار قصير. ولم يمض سوى عام ونصف حتى نقضوا الهدنة مع أهلها المسلمين، وأرغموهم على الجلاء عنها وذلك في رمضان سنة ٦٤٥ هـ (٢) فتفرقوا في مختلف البلاد، وغادرها واليها السابق أبو بكر في أهله ولجأ إلى أحد الحصون القريبة منها. وكان أبو بكر بن يحيى هذا، أديبا متمكناً من النثر والنظم، وقد أورد لنا ابن الأبار شيئاً من نظمه (٣).

وهكذا استولى الأرجونيون من بعد بلنسية، خلال أعوام قلائل فقط على سائر القواعد القريبة منها، جزيرة شقر، ودانية، وشاطبة، والبيضاء، ولقنت (٤) وغيرها، ولم يبق من قواعد الشرق بيد المسلمين سوى مرسية وأحوازها. على


(١) ابن خلدون ج ٤ ص ١٦٨، وج ٦ ص ٢٨٥. ويقول صاحب الذخيرة السنية إن زيان لجأ إلى حصن اللش (ألش). وراجع: M.G. Remiro: ibid ; p. ٢٩٥ & ٢٩٦
(٢) ابن الأبار في التكملة (القاهرة) ج ١ ص ١٢٤ و ٣٣٤.
(٣) ابن الأبار في الحلة السيراء ص ٢٤٧ و ٢٤٨. وفي التكملة " القاهرة " في الترجمة رقم ٣١٠ و ٩٠٧.
(٤) يضع صاحب الذخيرة السنية تاريخ استيلاء النصارى على دانية ولقنت وألش وأوريولة وقرطاجنة في سنة ٦٤٠ هـ (١٢٤٢ م) (ص ٦٥) ولكنا نرجح فيما يتعلق بدانية ولقنت، ما تقدم من الروايات. ثم هو يعود فيذكر لنا مرة أخرى أن سقوط أوريولة كان في سنة ٦٤٩ هـ (١٢٥١ م) (ص ٨٧). ولكن سنرى أن هذه القواعد الأخيرة قد تأخر سقوطها إلى ما بعد ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>