الجند في مرسية، وفي بعض الحصون التابعة لها، واحتفظ أمير مرسيه بسيادته التامة على لقنت، وأوريوله، وألش، وبعض الأماكن الأخرى الداخلة في أعمال مرسية. وكذلك فإن لورقة، ومولة، وقرطاجنة، وهي من أعمال مرسية، لم تدخل في هذا التسليم، واحتفظت باستقلالها حيناً، حتى استولى عليها القشتاليون في سنة ١٢٤٥ م. أما مرسية فلبثت عدة أعوام أخرى تحت حكم واليها محمد بن هود، بهاء الدولة، ثم بعد وفاته تحت حكم ولده أبي جعفر أحمد، وذلك تحت حماية ملك قشتالة. وكان والي مرسية يعرف عندئذ عند النصارى بملك مرسية. وكان من الغريب أن " تبقى مملكة مرسية " الإسلامية قائمة على هذا النحو تتمتع بنوع من الاستقلال، بعد أن سقطت بلنسية، وكل أعمالها، وأضحى النصارى يشرفون عليها من لقنت وألش وغيرها من قواعد هذه المنطقة. ولكن ذلك يمكن تفسيره أولا، بما وقع من الاضطرابات المستمرة في بلنسية ضد الأرجونيين، وقيام المسلمين المدجّنين في بلنسية، وشاطبة، ومربيطر وقسطلونة وغيرها، ومحاولتهم استرداد استقلالهم بقوة السلاح، واستردادهم بالفعل لبعض الحصون الهامة (سنة ١٢٥٤ م)، وثانيا باشتداد ساعد مملكة غرناطة، المملكة الإسلامية الجديدة التي أنشأها ابن الأحمر في جنوبي الأندلس، وتهديدها من آن لآخر بإنجاد أهل مرسية ومعاونتهم. وكان خايمى ملك أراجون حينما اشتدت الاضطرابات في بلنسية وأحوازها، قد عمل على تدعيم معظم الحصون بحاميات جديدة، وأخرج بالقوة آلافا مؤلفة من المسلمين المدجنين من أراضي بلنسية، فقصدوا إلى مرسية وأعمالها وتفرقوا فيها، وذهبت آلاف أخرى منهم إلى مملكة غرناطة. وفرض القشتاليون على المهاجرين منهم إلى مرسية وأعمالها ضريبة لدخولهم قدرها بيسانتى Besante عن كل فرد. واشتد ساعد " مملكة مرسية " بمن وفد إليها من هذه الجموع المهاجرة، واستطاعت أن تفرض احترام استقلالها الداخلى على النصارى فترة أخرى.
واستمر أبو جعفر أحمد بن هود واليا لمرسية وأحوازها حتى سنة ٦٦٢ هـ (١٢٦٤ م)، وفي هذا العام خرج عليه، أبو بكر محمد بن محمد بن يوسف ابن هود، وكان قد حكم مرسية بضعة أشهر عقب وفاة أبيه المتوكل، وتسمى
= يقول لنا إن ذلك وقع في العاشر من شوال سنة ٦٣٩ هـ (١١ أبريل ١٢٤٢ م) (نفح الطيب ج ٢ ص ٥٨٥) وراجع أيضاً: M.G. Remiro ; ibid ; p. ٢٩٦