بالواثق، ثم تغلب عليه عمه عضد الدولة بن هود، ثم جاء أبو جميل زيان فانتزع الحكم منه حسبما فصلناه فيما تقدم، إلى أن تغلب عليه بهاء الدولة ابن هود، وفي خلال ذلك كان الواثق يعيش مغموراً هادئاً، إلى أن سنحت له الفرصة لينتزع الحكم من أبي جعفر. وكان الواثق يعتقد أنه يستطيع بمعاونة المسلمين المدجّنين في منطقة الشرق، ومعاونة ابن الأحمر ملك غرناطة، أن يخلع طاعة النصارى، وأن يسترد لمرسية كامل استقلالها. وربما كان قد شعر أيضاً أن قشتالة لم تكن من القوة كما كانت أيام فرناندو الثالث. وكان فرناندو قد توفي منذ سنة ١٢٥٢ م، وخلفه ولده ألفونسو العاشر، وشغلت قشتالة في ظله بصراعها مع مملكة غرناطة. ومن ثم فقد أعلن الواثق خلع طاعة ملك قشتالة، لأنه لم يلتزم الوفاء بما تعهد به في معاهدة التسليم، وخرق نصوصها بالاستطالة على حقوق مملكة مرسية، وبعث إلى رومة سفيراً يسعى لدى البابا، ليحمل ملك قشتالة على الوفاء بعهوده، من عدم التدخل في شئون مملكة مرسية، واستمر متمسكاً باستقلاله، ولكنه لما شعر بأن جند الملك خايمى ملك أراجون، بدأت تغير على أراضي مرسية وترهق أهلها، أعلن طاعته لابن الأحمر ملك غرناطة، وبعث إليه ابن الأحمر قوة من جنده بقيادة صهره الرئيس أبي محمد بن أشقيلولة، فقدم إلى مرسية وضبط أمورها، وخطب بها لابن الأحمر.
ويقدم إلينا ابن عذارى شرحاً آخر لتطور الحوادث في مرسية فيقول، إن أهل شرق الأندلس كانوا قد صالحو الروم بمال معلوم، يدفعونه لهم في كل عام، وأعطى أهل مرسية قصبتهم للروم. فلما ذاع فيهم ضرر الروم وأذاهم، أخرجوهم بالقتال والحصر، وكتب أهل مرسية إلى الأمير ابن الأحمر ببيعتهم، فبعث إليهم الرئيس أبا محمد بن أشقيلولة والياً. فزحف النصارى إليها، ونزلوا عليها، وحصر الرئيس فيها، ثم غادرها مع صحبه. وهكذا اضطر ابن الأحمر أن يتخلى عن حماية مرسية، واضطر نائبه ابن أشقيلولة أن يغادرها مع جنده. ويضع ابن عذارى تاريخ هذا الحادث في سنة ٦٦٢ هـ (١٢٦٤ م) ويزيد على ذلك أن أهل مرسية لم يجدوا بعد ابن الأحمر حماة ولا أنصاراً، واشتد عليهم حصار العدو وتألبه، فأعطوا مرسية للنصارى وخرجوا منها بالأمان إلى " الرشاقة"، فسكنوا بها نحو عشرة أعوام، إلى أن أخرجهم النصارى منها بالأمان في سنة ثلاث وسبعين، ولكنهم غدروا بهم في الطريق بموضع يعرف ببوركال، فقتلوا الرجال، وسبوا النساء