للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأطفال (١). ولكن الرواية النصرانية تقول لنا بالعكس، إنه على أثر مغادرة جند ابن الأحمر لمرسية، رد أهلها الأمر ثانية إلى الواثق ابن هود، فمضى في حكمها فترة قصيرة أخرى، إلى أن افتتحها الملك خايمى، وذلك على النحو الآتي:

في تلك الأثناء، كان ملك قشتالة ألفونسو العاشر، يعانى صعابا في الاحتفاظ بفتوحه الجديدة في الأندلس، ولاسيما في منطقة شريش وشذونة، ويرقب نشاط ابن الأحمر ملك غرناطة وازدياد قوته بعين التوجس والخوف. وزاد قلقه من جراء ذلك بما حدث من عبور بعض قوات بني مرين من المغزب إلى الأندلس، لمناصرة ابن الأحمر. وكان من جهة أخرى يرى نفسه عاجزاً عن قمع ثورة مرسية، واسترداد سيادته عليها، ومن ثم فقد بعث إلى حميه خايمى ملك أراجون - وكان قد تزوج بابنته الأميرة فيولانتى، وارتبط معه برباط المصاهرة والصداقة الوثيقة - يطلب إليه المعاونة في منطقة مرسية، لأن الثورة في مرسية تهدد سيادته في بلنسية، ومن ثم فقد قرر الملك خايمى، بعد استشارة الأمراء والأحبار، أن يسير لافتتاح مرسية، بالرغم من كونها تقع في منطقة نفوذ قشتالة، وذلك نزولا على رغبة ملك قشتالة نفسه (٢). فجهز حملة قوية، وسار جنوبا صوب مملكة مرسية، وزحف أولا على حصونها الأمامية ألش ولقنت وأوريوله، واستولى عليها، ثم بقى في أوريولة، وضربت جنده الحصار حول مرسية، وبذل الأرجونيون كل جهد للتضييق على المدينة المحصورة، ورد كل أمداد يصل إليها من غرناطة، واستمر الحصار بضعة أشهر. فلما رأى الواثق أنه لا مفر من التسليم، بعد أن نفدت سائر الموارد، وغاض كل أمل، فاوض الملك خايمى في التسليم، واتفق معه على أن يعوضه عن مرسية بحصن " يسر " ليقيم فيه هو وأهله وصحبه. وهكذا سلمت مرسية آخر قواعد الشرق الكبرى، ودخلها الملك خايمى الأرجونى وذلك في في شهر فبراير سنة ١٢٦٦ م. وهو يوافق التاريخ الذي تضعه الرواية الإسلامية لسقوط مرسية، وهو سنة ٦٦٤ هـ، وإن كانت ثمة روايات نصرانية أخرى تضع تسليم مرسية في سنة ١٢٦٩ أو ١٢٧٠ م (٣). ولم يطلب الملك خايمي


(١) البيان المغرب القسم الثالث ص ٤٣٨.
(٢) M. Lafuente: ibid ; T. IV. p. ١٣٢
(٣) ابن خلدون ج ٤ ص ١٧١. وهو يجمل سقوط مرسية في كلمة عابرة، وإنما استقينا التفاصيل المتقدمة من كتاب: G. Remiro: ibid ; p. ٣٠٠ - ٣٠٣. وفيها يلخص مختلف الروايات النصرانية

<<  <  ج: ص:  >  >>