للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الاتصال بأهل المدينة، والتفاهم معهم على التسليم. وبحث زعماء المدينة الموقف من سائر نواحيه، واتفقوا على أن يسلموا إلى ملك قشتالة القصر وجباية المدينة، على أن لا يدفعوا من المكوس أكثر مما كانوا يدفعونه لملوكهم، ولكن ملك قشتالة رفض هذا العرض الجزئي رفضاً باتا، فعاد الزعماء وعرضوا أن يسلموا القصر وثلث المدينة، فرفض هذا العرض أيضاً. واضطر الزعماء أن يتقدموا خطوة أخرى. فعرضوا أن يسلموا نصف المدينة، بعد أن يخليه المسلمون، وأن يترك النصف الآخر للمسلمين، وأن يقام بين النصفين سور فاصل. ونصح بعض مستشارى الملك إليه بقبول هذا العرض، ولكن ملك قشتالة أصر على أن يتسلم المدينة كلها حرة ودون شروط (١).

وعندئذ لم ير زعماء إشبيلية وأهلها، بدّا من قبول مصيرهم المحتوم، وجرت المفاوضة بينهم وبين ملك قشتالة في تسليم المدينة، وذلك عن طريق ممثل ملك قشتالة، دون ردريجو ألباريس، وانتهت المفاوضات بين الفريقين على أن تسلم المدينة بالشروط الآتية: أن تسلم المدينة كاملة حرة سليمة، لا يهدم من صروحها شىء، وأن يغادرها سكانها مع السماح لهم بأن يحملوا معهم كل أمتعتهم المنقولة والمال والسلاح، وأن يسلم القصر في الحال بعد إخلائه عقب وضع شروط التسليم، وأن تسلم مع المدينة سائر الأراضي التابعة لها، وأن يعطى ملك قشتالة إلى القائد شقاف، والرئيس ابن شعيب، من بلاد الشرف، شلوقه وحصن الفرج، ثم لبلة متى تم افتتاحها، واتفق على أن تُمنح لأهل المدينة مهلة لا تقل عن الشهر لتسوية شئونهم وإخلاء دورهم، والتأهب للرحيل.

ولما وُقع عهد التسليم بين الفريقين، سُلِّم القصر، وهو مقر الولاة، ويقع في جنوبي المدينة على مقربة من باب جَهْور، إلى ملك قشتالة، وبعث ملك قشتالة مندوبه ليرفع شعاره الملكى فوق برجه الأعلى، وكان ذلك في اليوم الثالث والعشرين من شهر نوفمبر سنة ١٢٤٨ م، وهو يوافق يوم الاثنين الخامس من شعبان سنة ٦٤٦ هـ، وهو اليوم الذي تضعه الرواية الإسلامية لسقوط إشبيلية في أيدي النصارى (٢). بيد أنه يوجد تاريخ آخر، هو


(١) M. Lafuente: ibid ; T. IV. p. ٥٩ ; J. Gonzalez: ibid ; p. ١١٨ ; Cronica General, No. ١١٢٢
(٢) ابن الأبار في التكملة (القاهرة) ج ٢ ص ٩٠٣. ويقول صاحب الروض المعطار إنه اليوم الثالث من شعبان (ص ٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>