للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاريخ دخول النصارى المدينة، وهو يعتبر أحيانا تاريخ سقوطها.

وقضى المسلمون زهاء شهر في إخلاء المدينة، وتصفية شئونهم، وبيع متاعهم، وكان ملك قشتالة، يسرح سريات من فرسانه لتأمين المهاجرين منهم بطريق البر حتى مدينة شريش، وحتى ثغر سبتة لتأمين المهاجرين منهم بطريق البحر، وخصص لذلك الغرض أسطولا يتكون من خمس سفن كبيرة، وثمانى صغيرة (١). وخرجت من إشبيلية جموع غفيرة من المسلمين يصعب تحديد عددها، وتشمل سائر الطبقات. ولم تحدد لنا الرواية الإسلامية عدد المهاجرين منها، ولكنها تقول لنا فقط إنه قد خرج الخاص منها والعام " وكل منهم في بحر المنايا غاص وعام، مماحل بهم من الأوجال والآلام " (٢). وتقدر بعض الروايات من خرج من أهل إشبيلية من المسلمين بأربعمائة ألف، منهم مائة ألف هاجروا بطريق البحر إلى سبتة، وثلاثمائة ألف ساروا براً بطريق شريش (٣). وتفرقوا في مختلف الأنحاء بالأندلس والمغرب. وقصد أكثرهم بالأندلس مملكة غرناطة، وذلك بتشجيع ابن الأحمر، وكورة لبلة وغربى الأندلس، وقصد من عبر البحر منهم إلى مختلف ثغور المغرب، ولاسيما سبتة وتونس، وكان في مقدمة من غادرها منهم زعيمها القائد شقاف، ولم يحفل بما عرضه النصارى عليه من منح وإقطاعات وعبر البحر إلى سبتة مع جماعة من القواد والأجناد، والظاهر أنه استطاع أن يتدخل في شئونها، وأن يشاطر واليها الحفصى ابن أبي خالد قسطا من السلطة، ولكن حدث بعد فترة قصيرة أن نهض زعيم سبتة الدينى الفقيه أبو القاسم العزفى، واستطاع بمعاونة حليفه القائد أبي العباس الرنداحى أن ينتزع الرياسة لنفسه، وقتل شقاف وعدة من أصحابه فيمن قتل من ضحايا الانقلاب، وذلك في شهر رمضان سنة ٦٤٧ هـ (٤).

وبقيت إشبيلية، بعد أن غادرها أهلها، خالية ثلاثة أيام. وفي اليوم الثاني والعشرين من شهر ديسمبر سنة ١٢٤٨ م " (أوائل رمضان سنة ٦٤٦ هـ) دخل فرناندو الثالث ملك قشتالة، مدينة إشبيلية في موكب فخم، وكان مطران


(١) الروض المعطار ص ٢٢، وكذلك: J. Gonzalez: ibid ; p. ١٢٠
(٢) البيان المغرب ص ٣٨٥.
(٣) Cronica General: ibid ; No ١١٢٤
(٤) الذخيرة السنية ص ٨٥، والبيان المغرب ص ٤٠٠ و ٤٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>