للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ْوهزمه، وقتل معظم عسكره، فارتد ابن أصناج في فلوله، منهزماً إلى مراكش، وبقى ابن يدر على سلطانه وطغيانه (١).

وأما في سجلماسة، فإن الأمر لم يقف في شأنها عند ما تقدم. ذلك أن الأمير أبا يحيى مرض، وتوفي بفاس في رجب من العام التالي (٦٥٦ هـ)، ووقع الخلاف على ارتقاء العرش، بين ولده عمر وأخيه أبي يوسف يعقوب، فانتهز القطرانى هذه الفرصة، واستولى على حكم سجلماسة، واستطاع الوالي المرينى أن يغادر القصبة، في أهله وأصحابه، وبعث القطرانى إلى المرتضى، يعتذر عما حدث، وأنه سوف يقوم بالدعوة الموحدية، ولكن بشرط أن يبقى عاملا بسجلماسة، مستقلا بأمرها، فوافق المرتضى على ذلك، وبعث إليه بالفقيه أبي عمرو بن حجاج، ليكون قاضياً للمدينة، وبسرية من الجند الروم مع قائدهم، وزود القاضي والقائد بأوامر سرية معينة. واستمر القطرانى في رياسة المدينة حيناً، وفي ذات يوم وثب قائد الروم بالقطرانى فقتله، وكان هذا تنفيذا لأوامر المرتضى، فوقع الهرج بالمدينة، وبادر القاضي فأعلن للناس أن ما وقع إنما كان تنفيذا لأمر الخليفة، وعهد المرتضى إلى القاضي أبي عمرو بشئون المدينة، وكان هذا الحادث دليلا جديداً على ما كانت تتسم به وسائل المرتضى من شيم النكث والغدر (٢).

ولما توفي عاهل بني مرين الأمير أبو يحيى، تولى ولده عمر بن أبي يحيى العرش مكانه، ولكن معظم أشياخ بني مرين، لم يكونوا راضين عن ولايته، وكانوا يؤيدون بالعكس ولاية عمه الأمير أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، أخي أبي يحيى، وكان عند وفاة أخيه غائباً برباط تازا، فأسرع إلى حضرة فاس، والتف حوله أكابر المشيخة، ووقع الخلاف بين عمر وعمه، واعتصم عمر بالقصبة، وكان أبو يوسف يميل إلى حسم الأمر، بالبقاء في رباط تازا، ولكن ألح عليه أشياخ بني مرين، والتف حوله جمع كبير من الأنصار، وخرج عمر للقائه في أنصاره، في ظاهر فاس، فخذل عمر وهزمه أنصاره، وارتد إلى فاس مفلولا، وانتهى الأمر بالصلح بين عمر وعمه، على أن يرقى أبو يوسف العرش، وأن يتولى عمر أمر مكناسة وما إليها، ودخل أبو يوسف يعقوب ظافراً، وتولى الملك، وذلك في شهر شوال سنة ٦٥٦ هـ (أواخر ١٢٥٨ م) (٣).


(١) البيان المغرب ص ٤١٥.
(٢) البيان المغرب ص ٤١٩.
(٣) الذخيرة السنية ص ٩٢ و ٩٧، وابن خلدون ج ٧ ص ١٧٧، والبيان المغرب ص ٤٢٠ و ٤٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>