للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبير من القرابة والصحب، واعتصموا بجبال غمارة، فبعث السلطان حملة، لقتالهم، ثم استنزلهم واسترضاهم، وعقد لأخيهم عامر بن إدريس، على جيش من نحو ثلاثة آلاف مقاتل، من بني مرين ومن المطوعة. وكانت رسائل ابن الأحمر صاحب غرناطة، تترى منذ حين على أبي يوسف، طلبا للعون والنصرة، والمشاركة في الجهاد في سبيل الله، فبعث أبو يوسف ذلك الجيش الصغير، إلى الجهاد بالأندلس، فعبروا إلى شبه الجزيرة، واستقبلهم ابن الأحمر بالضيافات والكرامات، وساروا أولا إلى مالقة، فاستقروا بها بقية سنة ستين. وفي العام التالي سنة ٦٦١ هـ، سار أولئك المجاهدون إلى أرض الفرنتيرة، وقصدوا إلى مدينة شَريش، وكانت قد دعت بطاعة ابن الأحمر، ولكن النصارى احتلوها، فانتزعها المرينيون من أيدي النصارى واحتلوها، ولكن لمدى قصير فقط. بيد أن عبور هذه الكتائب المرينية القليلة، إلى شبه الجزيرة، كان فاتحة لهذا التعاون القوي المثمر، الذي انعقد بين بني الأحمر ملوك غرناطة، وبين بني مرين، ضد إسبانيا النصرانية، واستمر عصراً يشد من أزر مملكة غرناطة، ويمكنها من الصمود ضد أعدائها (١).

أما يعقوب بن عبد الله، فقد استمر على ثورته وعصيانه، معتصما بمختلف النواحي، إلى أن قتله قائد المرينيين طلحة بن علي، بناحية أرض عبولة، على مقربة من ثغر سلا، في سنة ٦٦٨ هـ، فلقى بذلك جزاءه وانتهى أمره (٢).

وكان من حوادث هذا العام أيضاً - ٦٥٩ هـ - أن بعث ابن الأحمر صاحب غرناطة سفنه لغزو سبتة، لسوء تفاهم وقع بينه وبين صاحبها العزفى، فلقيتها سفن سبتة، بقيادة الرنداحى، وهزم أسطول الأندلس وقتل قائده ظافر، وسمى هذا العام بعام ظافر (٣).

- ٦ -

في خلال هذه الفترة المليئة بالحوادث، من تاريخ بني مرين، والتي انتزعوا فيها رقاعاً وثغوراً جديدة هامة، من أشلاء الدولة الموحدية، وأخذ نجمهم يتألق في قلب المغرب الأقصى، كان الخليفة الموحدي المرتضى لأمر الله، عاكفاً في


(١) الذخيرة السنية ص ١١٢، والبيان المغرب ص ٤٣٩، وابن خلدون ج ٧ ص ١٧٩.
(٢) ابن خلدون ج ٧ ص ١٧٩.
(٣) البيان المغرب ص ٤٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>