للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الموحدين والعرب والأغزاز والروم (النصارى المرتزقة)، وعهد بقيادته إلى أبي زكريا يحيى بن وانودين. فسار هذا الجيش إلى وادي أم الربيع شمالي مراكش، وكان السلطان أبو يوسف قد استعد هنالك للقاء الموحدين أتم استعداد. ووقع اللقاء بين الجيشين، عند مكان من الوادي (النهر) تبدو فيه كدى، أو جزائر صغيرة، ينحسر عنها الماء وكأنها أرجل، ومن ثم فقد سميت الواقعة، التي نشبت هنالك بين الجيشين، موقعة " أم الرجلين ". وكانت موقعة عنيفة انتهت بوقوع الهزيمة على الموحدين، وتمزيق صفوفهم، ومقتل العدد الجم منهم. فولوا الأدبار واستولى بنو مرين على محلتهم وسائر عتادهم ومتاعهم. وكان ذلك في سنة ٦٦٠ هـ (١٢٦٢ م). وارتد ابن وانودين في فلوله إلى مراكش، واعتذر للخليفة بأن الهزيمة، ترجع إلى تخاذل عرب بني جابر وغدرهم. وكان للهزيمة أعمق وقع في العاصمة الموحدية وخشى الناس أن يزحف المرينيون إليها، فأغلقت بعض أبوابها، ثم ساد الهدوء بعد ذلك، بعد أن جاءت الأخبار بانصراف بني مرين إلى بلادهم (١).

وفي نفس هذا العام، خرجت عقب موقعة " أم الرجلين "، حملة موحدية جديدة، إلى بلاد السوس، بقيادة محمد بن علي بن آصلماط، وذلك لإخماد ثورة علي بن يدر، ولكنها ما كادت تشتبك مع قوات الثائر، حتى هزم الموحدون، وقتل قائدهم ابن آصلماط، فكان لتلك الكسرة الجديدة، أسوأ صدى. وعندئذ قدّم المرتضى على بلاد السوس أبا زيد بن يخيت أحد وزرائه، وبعث معه قائد الروم (النصارى المرتزقة) المسمى ذا اللب (دون لوبى) في قوة من جنده، واضطرمت الحرب بين الموحدين وبين علي بن يدر مرة أخرى، فصمد على ابن يدر، وافترق الجيشان دون حسم، وأبدى دون لوبى تهاونا وتخاذلا، وكان على غير تفاهم مع ابن يخيت، فكتب ابن يخيت بذلك إلى الخليفة، فاستدعاه وأمر سراً بقتله وزملائه، فقتلوا في طريق العودة على يد أبي زيد بن زكريا الجدميوى (٢). وكان السلطان أبو يوسف يعتزم بعد موقعة (أم الرجلين)، أن يسير أخيراً إلى مراكش، لافتتاحها والقضاء على الدولة الموحدية المحتضرة،


(١) الذخيرة السنية ص ١٠٥، وهو يضع تاريخ الموقعة في سنة ٦٥٩ هـ، والبيان المغرب ص ٤٣١، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٥٩ وج ٧ ص ١٧٩، وكلاهما يضع تاريخها في سنة ٦٦٠ هـ.
(٢) ابن خلدون ج ٦ ص ٢٦٠، والبيان المغرب ص ٤٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>