للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أخّره عن ذلك حادث لم يكن في الحسبان. وذلك أن أبناء أخيه الأمير أبي يحيى وهم أبو مظهر وأبو سالم وأبو حديد، ساروا إلى طنجة في ثلاثمائة فارس من بني مرين وغيرهم، ونزلوا بها، فأكرم صاحبها ابن الأمين وفادتهم، ولكنهم غدروا به وقتلوه، فثار لذلك رجال ابن الأمين، وقتلوا من بالقصر من بني مرين واستدرجوا من كان منهم بالمدينة إلى القصبة، وقتلوهم تباعا، ووقع الهرج بالمدينة، وخشى أهلها من انتقام بني مرين، فخاطبوا الفقيه العزفى صاحب سبتة، فبعث إليهم بسفنه وعلى رأسها القائد الرنداحى، فاستولى على طنجة، وقبض على أولاد ابن الأمين وصحبه، واستاقهم إلى سبتة، وولي العزفى على طنجة واليا من قبله هو ابن حمدان. ولما وقف الأمير أبو يوسف على ما حدث من مقتل قرابته وفرسانه، وحماية العزفى لأهل طنجة، سار في بعض قواته إلى سبتة، فحاصرها وقتا، وقاتله أهلها من فوق السور، ولم يستطع أن ينال منها مأربا (٦٦٢ هـ) (١).

- ٧ -

وهنا أزفت الخطوة الحاسمة، واعتزم أبو يوسف أن يقوم بضربته الأخيرة، بالسير إلى مراكش، فسار في قواته وعبر وادي أم الربيع، واستمر في تقدمه، حتى نزل بجبل إيجليز، على مقربة من العاصمة الموحدية، وتقدمت عساكر الموحدين لصده، ونشبت عدة معارك محلية، كانت سجالا بين الفريقين، وقتل ولد أبي يوسف الأمير عبد الله، في إحدى هذه المعارك، وكانوا يسمونه برطانهتم " العجوب " أو" العجب "، وذلك لفائق جماله، وفروسته وشجاعته، وعلو همته. فوقف القتال، وساد الحزن والوجوم في المحلة المرينية، وبعث المرتضى رسولا خاصاً إلى أبي يوسف، يعزيه في فقد ولده، فتأثر أبو يوسف لذلك أيما تأثر، ووافق رسل المرتضى على الارتحال، على مال معلوم، يدفع إليه كل عام. وتضع الرواية تاريخ هذه الحملة في سنة إحدى وستين أو اثنتين وستين وهو الأرجح (٢).

بيد أنه وقع حادث جديد، أذكى من عزم أبي يوسف، ومهد له السبيل

لتنفيذ مشروعه. وذلك أن السيد أبا العلاء إدريس بن السيد عبد الله بن السيد


(١) البيان المغرب ص ٤٣٩ و ٤٤٠.
(٢) البيان المغرب ص ٤٤٠، والذخيرة السنية ص ١٠٨، وابن خلدون ج ٧ ص ١٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>