للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حفص بن الخليفة عبد المؤمن، وهو كما يبدو من نسبه، من أبناء عمومة المرتضى، ويعرف بالأخص بأبي دبوس لأنه كان وقت وجوده بالأندلس، يحمل الدبوس باستمرار فشهر به (١)، كان السيد أبو العلاء هذا أو أبو دبوس، ناقما على المرتضى، لأمور تختلف في شأنها الرواية، فمن ذلك ما يقوله روض القرطاس من أنه كان يخشى أن يقتله المرتضى، لوشاية رفعت إليه في حقه (٢)، وما يقوله لنا ابن خلدون من أن أبا دبوس، كان من قادة الجيش الموحدي، في موقعة " أم الرجلين "، فلما وقعت الهزيمة على الموحدين، سعى بعض خصومه، في حقه لدى الخليفة، فشعر بهذه السعاية، وخشى سطوة المرتضى. ويزيد الأمر إيضاحا ما يقوله صاحب الذخيرة السنية، من أن السعاية في حق أبي دبوس للمرتضى، كانت تتلخص في أنه يكاتب بني مرين ويصانعهم، وأنه يفكر في القيام ضد المرتضى، ويعتمد في ذلك على محبة الناس له لشجاعته (٣). وأخيراً يقول لنا ابن عذارى، إن نقمة أبي دبوس على المرتضى، كانت ترجع إلى " اهتضام جانبه في أحواله ". وهكذا اضطرب الجو بين الخليفة، وبين ابن عمه، وشعر أبو دبوس، أن حياته أصبحت في خطر، ففر من القصبة، مع ابن عمه السيد أبي موسى، وذلك في المحرم سنة ٦٦٣ هـ، وقصد توا إلى فاس، ملتجئاً إلى السلطان أبي يوسف. فلما وقف المرتضى على ما حدث أمر بالقبض على أولاد السيدين الفارين، والتحوط على دورهما، ومطاردة كل من يشتبه في اتصاله بهما. وسأل أبو دبوس أبا يوسف العون والنصرة، وعرض عليه مشروعه، في أن يعينه بقوة من بني مرين، وما يلزم من النفقة، لافتتاح مراكش وأحوازها، وأنه يتمتع في ذلك بتأييد معظم الموحدين والكافة، وأن يكون هذا الفتح مشتركا، ومناصفة بينهما، فوافق أبو يوسف على مشروعه، وأمده بجيش من بني مرين، قوامه ألف فارس أو ثلاثة أو خمسة آلاف وفقاً لأقوال أخرى، وزوده بالخيل والعتاد والسلاح والمال، وبالكتب اللازمة، لحث زعماء العرب والقبائل، الذين في طريقه، للنهوض إلى معاونته. وخرج أبو دبوس في حشوده من فاس، في شهر ذي القعدة سنة ٦٦٣ هـ (أغسطس ١٢٦٥ م)، وسار أولا إلى مكناسة،


(١) الحلل الموشية ص ١٢٧، والبيان المغرب ص ٤٥٤.
(٢) روض القرطاس ص ١٧٤.
(٣) ابن خلدون ج ٧ ص ١٧٩، والذخيرة السنية ص ١٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>