للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووزر للخليفة الجديد، السيد أبو زيد عبد الرحمن بن السيد أبي عمران، وأخوه السيد أبو موسى عمران بن أبي عمران، وكتب له أبو الحسن الرعينى، وأبو عبد الله التلمسانى، وهما من كتاب سلفه.

وما كاد الواثق بالله يستقر بالحضرة، حتى أجمع الناس على طاعته، وتوافدوا على الحضرة، من كل مكان، ورأى اجتذابا لعطف الشعب وتأييده، أن يرفع المغارم والكلف عن الناس، سواء في الحواضر أو البوادى، وأن يقتصر على الفروض الشرعية، التي جرى عليها العمل في بداية الدولة، وأمر بالعفو عن المجرمين. ولكن كانت تنقصه الموارد والأموال، ولم يجد شيئاً منها بالقصر أو بيت المال، فكتب وزيره السيد أبو موسى عمران عن لسانه، إلى الخليفة المعتقل - المرتضى - كتابا، يسأله عن مصير الأموال التي كانت بيده، وأن يعرفه بمكان إيداعها، إذ هي أموال المسلمين، وأنه إن فعل " شمله عفو أمير المؤمنين " فكتب إليه المرتضى بخطه، يؤكد أنه لا يعرف أي مستودع للمال، وأنه لم يودع ولم يدفن شيئاً، وأن المال كان كثيراً، وقت وصول المرينى، ولكنه نفد بعد ذلك، ثم يقسم له على صحة كلامه ويناشده أن يحقن دمه، ويبقى على حياته، ويسترحمه ويدعو له، في عبارات مؤثرة (١). فلما وقف الواثق بالله على كتابه، تأثر لمحنته، وبعث السيد أبا موسى عمران، مع أبي سرحان بن كانون، وجماعة من سفيان، للقيام باستقدام المرتضى، واستحضاره إليه. ولكن حدث بعد مسيرهم، أن نصح السيد أبو زيد إلى الواثق، بعدم الإبقاء على المرتضى، وحذره مما قد يترتب على مقدمه، من التأثير في موقف الجند والرعية، فبعث الواثق براءة بخطه، إلى السيد أبي موسى، وحملها إليه عمر بن آصلماط، تتضمن وجوب قتل المرتضى، في أول مكان يلتقى به فيه. فالتقى به في موضع يسمى " فرزغون " من أرض دكاله، وكان السيد أبو موسى، قد وصل إلى هذا المكان، ومعه المرتضى وأولاده، وهم في الأصفاد على الدواب، فلما وقف على أمر الخليفة الواثق، أخذ المرتضى جانبا، وأنزله عن دابته، وأعدم قتلا بالسيف، ودفن حيث قتل، وكان مصرعه في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من صفر سنة ٦٦٥ هـ (٢٢ نوفمبر سنة ١٢٦٦ م) (٢)


(١) نقل إلينا صاحب البيان المغرب نص كتاب أبي موسى إلى المرتضى، ونص رد المرتضى عليه ص ٤٤٩ و ٤٥٠.
(٢) البيان المغرب ص ٤٥٠ و ٤٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>