للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ْجنده، إلى تاونزرت على مقربة من الحضرة، وبعث من هنالك بعض قواته لتحصيل الجباية من حاحة ورجراجة، وكان السيد عبد العزيز هذا، من ولد الخليفة الراحل السعيد، وكان يرى أن قيام الواثق في الخلافة، وهو ليس من عقب المنصور، اغتصابا يجب منعه، وانضم إليه في ذلك بعض الزعماء، وكاتب ابن جلداسن شيخ هسكورة سراً، ليقوم بمعاونته، ووقف الواثق على ذلك من صهره، السيد أبي زيد ابن السيد أبي عمران والي مراكش، وضبطت بعض كتب كانت مرسلة، من السيد عبد العزيز إلى جلداسن، وكان السيد عبد العزيز يلزم داره متحرزاً على نفسه، فعمل السيد أبو زيد على استدراجه واستدعائه، فقصد إليه مع بعض أشياخ الموحدين، فواجهه بما نسب إليه، وأبرز له كتبه المكتوبة بخطه، فأسقط في يده وبهت، وعندئذ قبض عليه، وأعدم بأمر الواثق، وأخمدت هذه المؤامرة في مهدها (١).

وعلى أثر ذلك أخذ الواثق في الأهبة للزحف على السوس، وفي خلال وجوده بوادي تانسيفت، وردت إليه هدية ومكاتبة، من الأمير يغمراسن بن زيان صاحب تلمسان، يقدم فيها بيعته للخليفة الموحدي، ويحذره من أطماع بني مرين فيما بقى من أقطار الدولة الموحدية، ويعد بمحالفته، وتعهده بأن يكفيه شر بني مرين. وذاع أمر هذه البيعة الهامة بين الجند، وضربت الطبول ابتهاجا بها، وعم السرور لذلك في المحلة الموحدية (٢). ثم تحرك الواثق صوب بلاد السوس، وتقدمه الشيخ أبو زكريا ابن وانودين، ليستنفر القبائل للخدمة، والحركة ضد علي بن يدر الثائر بالسوس، واستمرت الحملة في مسيرها حتى وصلت إلى جبال السوس (وهي شعبة من جبال الأطلس)، ونزلت هنالك في بعض البسائط، وهنالك قضى الواثق عيد الفطر.

وأخذت الحملة بعد ذلك في التنقل بين القبائل، وأصدر الواثق عدداً من الظهائر لبطون جزولة وغيرها، يبلغهم عزمه، على القضاء على ثورة علي بن يدِّر وتأمين أرجاء نواحي السوس. ثم مرت الحملة بتارودنت حاضرة السوس، وقد خرب أكثرها، ونزلت المحلة هنالك في واد أخضر، في أسفل حصن تيزغت المنيع، وكانت به حامية قوية، من جند علي بن يدر، فاستعد الجند لمهاجمته، ونشبت بينهم وبين حاميته معارك عنيفة، استمرت بضعة أيام، حتى اضطر قائده أخيراً، واسمه حمدين، إلى طلب الأمان، وقرر بأن علي بن يدر، على


(١) البيان المغرب ص ٤٥٩ و ٤٦٠.
(٢) الذخيرة السنية ص ١٢٧، والبيان المغرب ص ٤٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>