للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعداد لإعلان الطاعة، وقبل الواثق طلبه، ولكن لم يتم التسليم، وانتهى الأمر، بأن اقتحم الموحدون أحواز الحصن، بعد قتال شديد، ولجأت الحامية إلى الداخل، بعد أن قتل منهم عدد جم. وأخيراً اقتحم الحصن نفسه، وأبيدت حاميته قتلا وأسراً، وكانت أخت علي بن يدر ضمن الأسرى، وكتب بالفتح إلى الحضرة، وكان ذلك في ١٣ شوال سنة ٦٦٥ هـ (١).

وفي اليوم الحادي والعشرين من شوال، استأنفت الحملة سيرها داخل بلاد السوس، وقدم عندئذ أبو زكريا بن وانودين مع جمع كبير من واوزجيت، وهم من خصوم علي بن يدر، وبعد يومين نزلت الحملة قرب تارودنت، وكان ابن يدر قد خرب حصنها الكبير وهدمه، فأمر الواثق بتجديده وإعادة بنائه، ولكن لم يتم أمره بذلك. واتجهت الحملة بعد ذلك، إلى حصن تيوينوين، وهو من أعظم حصون السوس وأمنعها، وكان في معظم الأحيان مركزاً للعصيان والثورة، فاستعدت حاميته القوية للدفاع، وهاجم الموحدون الحصن، وذلك في الثاني من ذي القعدة، فدافعت حاميته دفاعا شديداً، ووصل عندئذ كتاب من السيد أبي زيد والي مراكش، ومعه كتاب ببيعة أبي الحسن علي بن أبي على، من زعماء الخلط، ودخوله في الطاعة، فكان لذلك أطيب وقع. ولما رأى الواثق مناعة الحصن، وشدة بأس حاميته، قرر اتخاذ الأهبة لاقتحامه، بمعاونة من كان معه، من حشود العرب وزناتة، ولمطة وبني واوزجيت، وهوجم الحصن بشدة، وضرب بالمنجنيق، ولكن حاميته استمرت في المقاومة.

واستمر الأمر كذلك حتى مر عيد الأضحى. وفي الحادي والعشرين من ذي الحجة، وصل رسل علي بن يدر، يعرضون التوبة، ويعدون البيعة والطاعة، ولكن لم يتم شىء من ذلك، واستمر حصن تيوينوين على امتناعه. وورد على المحلة خلال ذلك كثير من عرب المعقل في أهلهم وأموالهم برياسة شيخهم عبد المؤمن بن أبي الطيب لتقديم بيعتهم، فتلقاهم الوزير أبو موسى ومعه العسكر، وأكرم الواثق وفادتهم، وأجزل صلاتهم، وسمح لهم برؤية إخوانهم من المعتقلين، فاطمأنوا عليهم، ووعدوا بتسريحهم، ثم عادوا إلى منازلهم (٢).

وفي الثامن والعشرين من المحرم سنة ٦٦٦ هـ، تأهب الواثق للعود إلى


(١) البيان المغرب ص ٤٦٥ و ٤٦٦.
(٢) الذخيرة السنية ١٢٦ و ١٢٧، والبيان المغرب ص ٤٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>