بسرعة، وتوفي في اليوم السادس من أكتوبر سنة ١٢١٤ م.
ويوضع ألفونسو الثامن في ثبت ملوك اسبانيا العظام، وقد أسبغ عليه انتصاره في موقعة العقاب هالة من المجد، وفي ظله احتفظت قشتالة بتفوقها السياسي والعسكرى، على باقي الممالك الإسبانية النصرانية، على نحو ما كانت عليه أيام فرناندو الأول وألفونسو السابع (ألفونسو ريمونديس). وكان هذا التفوق يتخذ أحيانا صفة السيادة على هذه الممالك، وكان يثير لديها كثيراً من المرارة والاحتجاج، ويحملها أحيانا على التحالف ضد قشتالة (١).
وكان ألفونسو الثامن، فضلا عما أحرزه من الظفر العسكرى الباهر، ملكاً مصلحاً، وكان من أثر عنايته بشئون الإصلاح، توسعه في إنشاء البلديات، وتوسيع مهامها واختصاصاتها، وإصداره القوانين الخاصة بذلك Fueros. وقد أنشأ ألفونسو أول جامعة إسبانية هي جامعة بالنسيا، Palencia وذلك في سنة ١٢٠٩ م، وجلب إليها الأساتذة من فرنسا وإيطاليا. وكان حسبما تصفه الرواية الإسبانية، يتسم بالتقى والورع، وقد أنشأ عدداً من الأسقفيات الجديدة، والأديار الفخمة، وكان من بينها دير برغش الشهير المسمى بالدير الملكي (لاس هويلجاس)، وأسبغ على الكنائس والأديار امتيازات جمة.
وخلف ألفونسو الثامن على عرش قشتالة، ولده هنري الأول (إنريكى) ولما يبلغ الحادية عشرة من عمره، وتولت الوصاية عليه أمه الملكة إلينور، ولكن لأجل قصير فقط، إذ توفيت بعد ذلك بقليل، وعندئذ تولت الوصاية عليه أخته الملكة برنجيلا، مطلقة ألفونسو التاسع ملك ليون، بيد أنها لم تستطع مقاومة أطماع آل لارا الأقوياء في انتزاع الوصاية، وهم الكونت ألبارو نونيز وإخوته، فتنازلت إليهم عنها بشروط خاصة، أقسموا بالعمل على تنفيذها، وخلاصتها ألا يعلن الكونت دي لارا الحرب على أي ملك، ولا أن يعطى أو يتنازل عن الأراضي للاتباع، أو يفرض أية ضرائب دون موافقة الملكة برنجيلا، ولكن الكونت دي لارا لم يحترم عهوده، وكان مقصد آل لارا الأول أن يوطدوا نفوذهم على الملك الصبي، فلما اطمأنوا إلى ذلك، قرروا تزويجه من الأميرة مافالدا إبنة سانشو الأول ملك البرتغال، ولم يكن الملك الصبي قد جاوز
(١) R. Altamira: Historia de Espana y de la Civilizacion Espanola ; T. I. p. ٣٦٦