الثانية عشرة من عمره، وكانت الأميرة قد جاوزت العشرين، ومع ذلك فقد عقد هذا الزواج بالفعل (سنة ١٢١٥)، في انتظار بلوغ الملك الصبي سن الرشد. ولكن الملكة برنجيلا وأكابر قشتالة، اعترضوا على هذا الزواج بشدة، ورفعوا أمره إلى البابا إنوصان الثالث، فأصدر البابا قرارا بإلغائه بسبب القرابة بين الزوجين، وعادت الأميرة البرتغالية إلى وطنها، ودخلت أحد الأديار.
وكان الملك الصبي يتوق إلى التحرر من نير آل لارا والعودة إلى أخته برنجيلا. ولكن الكونت ألبارو نونيز حال دون ذلك. ثم سار فضرب الحصار حول قلعة أوتليو وبها برنجيلا وبعض أنصارها، فاستغاثت برنجيلا بزوجها السابق ألفونسو التاسع ملك ليون، فبعث لإنجادها ولدها وولده فرناندو في بعض قواته، فرفع آل لارا الحصار عن الملكة، وساروا إلى بالنسيا، وكان الملك الصبي قد نزل في قصر أسقف بالنسيا، وكان يلعب في فنائه مع بعض صبية في سنه، فرماه أحدهم بحجر أصابه في رأسه بجرح بالغ، لم يلبث أن توفي منه، وذلك في يوم ٦ يونيه سنة ١٢١٧ م.
فبادرت أخته دونيا برنجيلا باستدعاء ولدها فرناندو وصحبها المخلصين. وسارت إلى بلد الوليد، وهنالك أعلنت نفسها ملكة لقشتالة، ولكنها نزلت في الحال عن العرش لولدها فرناندو، وكان يومئذ فتى في الثامنة عشرة من عمره (أول يوليه ١٢١٧) وكان القدر يدخر لهذا الفتى الذي تولى الملك في تلك الظروف المؤسية، مستقبلاً باهراً، حيث غدا هو فرناندو الثالث، قاهر الأندلس، والمستولى على قواعدها الكبرى.
٢ - مملكة ليون
لما توفي القيصر ألفونسو ريمونديس في سنة ١١٥٧ م، قسمت مملكته بين ولديه، فاختص ولده الأكبر سانشو بملك قشتالة، واختص ولده الأصغر فرناندو بملك ليون. وتوفي سانشو بعد عام واحد من حكمه في سنة ١١٥٨، وخلفه على عرش قشتالة ولده ألفونسو الثامن الذي أتينا على سيرته فيما تقدم. أما فرناندو الثاني فاستمر ملكاً على ليون حتى توفي في سنة ١١٨٨ م. وفرناندو الثاني هذا هو الذي تعرفه الرواية الإسلامية (بالببوج) وقد لبث خلال حكمه يتردد بين محالفة الموحدين وبين خصومتهم، وكان له في إنجاد الموحدين ببطليوس، وفي التحول إلى خصومهم مواقف متناقضة، سبق أن أتينا عليها