نظراً لاقتراب الشتاء، وأن يعود أدراجه. وسار حلفاؤه القشتاليون غاضبين ولحقوا بملكهم، وهو على حصار أبدة، ولكن المدينة المسلمة لبثت صامدة، واضطر القشتاليون بدورهم إلى الانسحاب، والعودة إلى بلادهم (يناير سنة ١٢١٤ م).
وفي هذا العام - سنة ١٢١٤ م - توفي دون فرناندو ولد ألفونسو التاسع وولي عهده، وهو فتى في الثانية والعشرين من عمره. وكان لألفونسو ولدين آخرين من مطلقته الملكة برنجيلا، هما فرناندو وألفونسو، ولكنه لم يقرر بصفة حاسمة من يخلفه منهما على العرش. ولما توفي ملك قشتالة الصبي هنري الأول في يونيه سنة ١٢١٧، بادرت أخته الملكة برنجيلا باستدعاء ولدها فرناندو، وأعلنت في الحال نفسها ملكة لقشتالة، ثم تنازلت على الأثر عن العرش لولدها فرناندو، فأصبح هو ملكاً لقشتالة. وهنا ثارت أطماع ألفونسو التاسع، ورأى وفقاً لنصح بطانته، أن يعلن نفسه إمبراطوراً لقشتالة وليون، وفي الحال دخل قشتالة بجيشه، ولكنه ما كاد يقترب من بلد الوليد، حتى علم بأن ولده فرناندو قد أعلن ملكاً لقشتالة. وبعثت إليه الملكة برنجيلا بعض أكابر الأحبار يرجونه احترام الأمر الواقع، والمحافظة على سلام المملكة، ولكنه لم يصغ إليهم ومضى في سيره نحو برغش. وهنا استعدت الملكة وولدها، وأكابر فرسان قشتالة، لرده، فعندئذ ارتضى ألفونسو، أن يعود أدراجه، بعد أن عقد مع ابنه الهدنة لمدة عامين (نوفمبر ١٢١٧ م) وتلتها بعد ذلك معاهدة سلام دائم بين قشتالة وليون عقدت في أغسطس سنة ١٢١٨ م. ولما استقر السلام على هذا النحو بين قشتالة وليون، اتجه ألفونسو التاسع إلى العناية بفتوح " الإسترداد " في القطاع الذي خصص من أراضي الأندلس لغزوات ليون. وكانت حملات الغزو من أي الممالك الإسبانية، تتخذ عندئذ صفة الحرب الصليبية، ويشترك فيها بالأخص فرسان الجمعيات الدينية، والمتطوعة الأجانب. ففي أواخر سنة ١٢١٧ م، سار ألفونسو التاسع في حملة مختلطة من قوات ليون وقشتالة، وبعض فرسان الجماعات الدينية، وضرب الحصار حول مدينة قاصرش، ولكنه لم يلبث أن رفع الحصار بعد أسابيع قلائل، وكرر ملك ليون وحلفاؤه بعد ذلك حملاتهم لافتتاح هذه القاعدة الإسلامية المنيعة، وانتهى الأمر بسقوطها في أيديهم في صيف سنة ١٢٢٧ م.
وفي أواخر سنة ١٢٢٩ م، قام ملك ليون بغزوة جديدة في أراضي الأندلس، واستولى في هذه المرة على حصن منتانجش على مقربة من ماردة، ثم ضرب الحصار حول ماردة، وفي خلال ذلك وصل المتوكل بن هود في قواته لإنجاد