المدينة المحصورة، واشتبك الفريقان في معركة هزم فيها ابن هود وارتد في قواته نحو الشرق، وكان من أثر ذلك أن سقطت ماردة وبطليوس في أيدي الليونيين، وذلك في صيف سنة ١٢٣٠ م (أواسط ٦٢٧ هـ).
ولم تمض أسابيع قلائل على ذلك حتى توفي ألفونسو التاسع ملك ليون، وذلك في يوم ٢٤ سبتمبر سنة ١٢٣٠ م، وكانت مسألة وراثة عرش ليون، هي أهم المسائل المعلقة في الأعوام الأخيرة من حكمه. ذلك أنه لم يرد أن يوصى بعرش ليون إلى ولده فرناندو الثالث ملك قشتالة، ولكنه أوصى به إلى ابنتيه سانشا ودولثى. ولكن هاتين الأميرتين ما لبثتا أن تنازلتا عن العرش إلى أخيهما فرناندو (أواخر سنة ١٢٣٠ م)، وبذا وحدت مملكة قشتالة وليون مرة أخرى، كما كانتا قبل وفاة القيصر ألفونسو ريمونديس في سنة ١١٥٧ م، وعادت قشتالة كما كانت، أعظم ممالك اسبانيا النصرانية وأقواها.
٣ - قشتالة وعهد فرناندو الثالث
لما جلس فرناندو الثالث على عرش قشتالة في يوليه سنة ١٢١٧ م، ثم على عرش ليون (١٢٣٠ م) وفقاً للظروف التي شرحناها، وعادت قشتالة بذلك إلى حدودها ووحدتها القديمة، كان القدر يدخر لهذا الملك الفتى، عهدا حافلا بصنوف الفخار والظفر.
وكان من غرائب القدر، أن يقوم على عرش أراجون في نفس الوقت ملك فتىّ آخر، يدخر له القدر مثل هذا المستقبل الحافل، هو خايمى الأول، وبينما كان فرناندو يحقق فتوحه العظيمة المتوالية في أواسط الأندلس، كان خايمى يحقق مثل هذه الفتوح في شرقي الأندلس.
وكان أبرز ما في حكم فرناندو الثالث، هو غيرته في متابعة فتوح الإسترداد Reconquista في أراضي الأندلس، وتكريسه لها كل جهوده وموارده. وقد بدأ بها مبكراً، وكانت أحوال الأندلس التي شرحناها، من انهيار سلطان الموحدين بالأندلس، عقب موقعة العقاب، وما تلاها غير بعيد من اضطرام الحرب الأهلية بين بني عبد المؤمن حول الخلافة الموحدية، وما كان من ثورة البياسى وانضوائه تحت لواء ملك قشتالة، وما أقدم عليه الخليفة المأمون من الاستنصار بملك قشتالة، واستعانته على أمره بالجند النصارى، ثم ما كان بعد ذلك من قيام ابن هود في شرقي الأندلس، وابن الأحمر في الأندلس الوسطى،