مرة أخرى، وأنشأ في تلك المرة عند منابع هذا النهر، قلعة سميت " طرويل " ومنح من يؤمها هي وأرضها من السكان النصارى، بعض المزايا المغرية، وتقوم اليوم مكانها مدينة طرويل الحديثة.
وفي سنة ١١٧٢ م، خرج ألفونسو الثاني في غزوة إلى أراضي بلنسية، منتهزاً فرصة ضغط الموحدين على ابن مردنيش أمير مملكة الشرق أو الملك لوبى كما تسميه الرواية الإسبانية. وفي بعض الروايات النصرانية أن ملك أراجون وصل في زحفه حتى شاطبة وحاصرها، وأن أمير بلنسية عرض أن يدفع إليه الجزية، وأن يساعده في فتح مملكة بلنسية. والحقيقة أن القوات الأندلسية استطاعت أن ترد القوات الغازية سواء في البر أو البحر، ولم تنل القوات الأرجونية من أراضي بلنسية مأربا (١).
وعقد ألفونسو الثاني مع زميله ملك قشتالة اتفاقا بشأن مقاطعة شنتمرية الشرق، نص فيه على أن تغدو مدينة شنتمرية الشرق ذاتها (البراثين) ملكاً لأراجون، وأن تكون حصونها ملكاً لقشتالة. وفي رواية أخرى أن الفارس بيدرو دي أساجرا صاحب شنتمرية الشرق، اعترف بطاعة ألفونسو الثامن.
وفي سنة ١١٧٩ م، غزا ألفونسو أراضي بلنسية بجيش ضخم، وحاصر ثغر مربيطر. وكانت هذه الغزوات الأرجونية المتكررة لأراضي شرقي الأندلس مثار التوجس والقلق لدى قشتالة، ومن ثم فقد استدعى ألفونسو الثامن زميله ملك أراجون إلى بلدة كسولا، وعقد الملكان اتفاقهما الذي سبقت الإشارة إليه، بتقسيم مناطق الفتح في شرقي الأندلس، كما عقدا معاً حلفاً لمتابعة الحرب ضد نافارا. ولكن الأمور ما لبثت أن تطورت، وبينما نجح القشتاليون في غزو نافارا من ناحية الغرب، إذ فشل الأرجونيون وردوا إلى أراضيهم بخسارة. وقد أحدث ذلك صدى سيئاً في نفس ألفونسو الثاني، وحقد على زميله الظافر ألفونسو الثامن. ثم ذهب إلى أبعد من ذلك فعقد حلفا مع سانشو ملك نافارا لمحاربة قشتالة (١١٩٠ م) وقد انضم إلى هذا التحالف ملكا ليون والبرتغال (١١٩١ م)، ورأى ملك قشتالة في ذلك نذيراً خطراً، إذ كانت الأنباء تترامى إليه في تلك الآونة بالذات بما يقوم به الموحدون من استعدادات عظيمة للعبور إلى شبه الجزيرة، وقد رأينا ما انتهى إليه ألفونسو الثامن من اضطراره إلى لقاء الجيوش الموحدية في الأرك في القوات
(١) راجع ص ٥٢ من هذا الكتاب، وكذلك: A. P. Ibars: Valencia Arabe, p. ٥٣٢