للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القديس بطرس (سنة ١٢٠٤ م)، ومنحه هو وأعقابه من ملوك أراجون حق التتويج في سرقسطة عاصمة المملكة، وتعهد بيدرو نظير ذلك بأن يحمى الدين الكاثوليكى، وأن يحترم حريات الكنائس وامتيازاتها، وأن يطارد الكفرة، وأن يقيم العدل في سائر بلاده، واعترف ملك أراجون فوق ذلك بأنه تابع للبابا، وأنه يحكم أراجون وقطلونية بمثابة إقطاع من البابوية، وتعهد بأداء الجزية السنوية. وتعهد الكرسى الرسولى من جانبه بأن يدافع البابوات عن أراجون عن طريق سلطانهم الرسولى. وقد كان لذلك أسوأ وقع بين الأرجونيين والقطلان، وأنكروا على الملك أن يقوم بمثل هذا العمل دون موافقتهم، واتحد الأشراف والشعب ضد الملك، وأرغموه على أن يسحب اعترافه بالتبعية للبابوية، ومع ذلك فإن أراجون اضطرت أن تدفع إلى البابوية الجزية التي تعهدت بها. ومن جهة أخرى فقد بدأت معارضة السادة والفرسان فيما بعد لكثير من التشريعات التي حاول بيدرو سنها في شئون الضرائب وغيرها (١).

وكان السادة والنبلاء في أراجون يبسطون سيادتهم على سائر المدن والبلاد الهامة، ويستولون على دخولها، لكي ينفقوا منها على الفرسان التابعين لهم، والذين يقودونهم في الحرب، فكان الأشراف بذلك يسيطرون على قوي المملكة العسكرية، ولا يستطيع الملك أن يفعل بذلك شيئاً لا في السلم ولا في الحرب دون مشاورتهم وموافقتهم، وكانت هذه السيادة الإقطاعية تؤول إلى عقب أصحابها. وقد بذل بيدرو جهوداً شاقة في العمل على تخفيف أوضاع هذا النظام المرهق، ونجح في أن يعدل توزيع هذه السلطات بين الأشراف بصورة أقرب إلى العدالة مع السماح لهم بتوريثها لأعقابهم، ولكنه احتفظ للعرش بالسلطات القضائية، وكان الاختصاص القضائى يمنح للأشراف والفرسان، ولا يسترد منهم إلا لسبب جوهرى، ويُزاول القضاء بالنيابة عن الملك على يد الأساقفة والأشراف. وللمحكوم عليه حق الاستئناف إلى العرش. وكان الحق الوحيد الذي يحتفظ به الأشراف لممارسة القضاء هو أن يكونوا أعضاء في مجلس الملك، أو يعينهم الملك قضاة في المدن والبلاد التي تخضع لسيادتهم.

ولم يغفل بيدرو الثاني العناية بغزو الأراضي الإسلامية، وهي مهمة من مهام السياسة الأرجونية الأساسية، فخرج في حشوده سنة ١٢١٠ هـ، وسار جنوبا


(١) R. Altamira: Historia de Espana, T. I. p. ٣٤٥ & ٣٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>