للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحدثنا فيما تقدم تفصيلا عما قام به خايمى من الاستعداد لافتتاح الجزائر، وما وفق إليه من افتتاحها بين سنتى ١٢٢٩ و ١٢٣٢ م. أما عن قطاع بلنسية فلم يكن بخاف على خايمى، ما تجوزه بلنسية، وسائر ثغور هذه المنطقة وقواعدها، من الضعف والفوضى، وافتراق الكلمة، وتوالى المعارك الأهلية الانتحارية. ولقد تحدثنا فيما تقدم كذلك تفصيلا عن حملات خايمى المتوالية على أراضي بلنسية، وافتتاحه تباعا لثغور الشرق وقواعده، وفوزه أخيراً بالاستيلاء على ثغر بلنسية العظيم وذلك في صفر سنة ٦٣٦ هـ (أكتوبر سنة ١٢٣٨ م)، ثم استيلائه بعد ذلك على دانية، ثم شاطبة، وجزيرة شقر، وغيرها من قواعد هذه المنطقة، مما كان يدخل في نطاق الفتوحات الأرجونية، وفقاً للاتفاقات التي عقدت لتقسيم مناطق الفتح، في شرقي الأندلس، بين أراجون وقشتالة، وهو ما سبقت الإشارة إليه في موضعه.

وأما مرسية وأحوازها، فقد كان من المتفق عليه أن يكون ضمن حظيرة الفتوح القشتالية. وقد أعلنت مرسية خضوعها بالفعل لملك قشتالة فرناندو الثالث منذ سنة ١٢٤١ م، واستقرت فيها حامية قشتالية صغيرة، ولكنها لبثت حينا تستقل بشئونها الداخلية، ويحكمها أعقاب بني هود وغيرهم من الزعماء المسلمين، حسبما سبق أن فصلناه. ولكن تطور الحوادث في مملكة بلنسية واضطراب الأحوال فيها، وثورة المدجَّنين بها، حملت ملك أراجون دون خايمى إلى أن يسعى إلى افتتاح مرسية، وذلك بالاتفاق مع صهره، زوج ابنته ألفونسو العاشر ملك قشتالة، وكانت ظروفه غير مسعفة له على القيام بهذا الفتح، وكان الملك خايمى يخشى من أن مرسية إن بقيت تحت حكم زعمائها المسلمين، تغدو مصدر خطر على سلامة بلنسية، ومن ثم فقد زحف خايمى في قواته على أراضي مرسية واحتل لقنت وألش وغيرهما من قواعدها الأمامية، ثم استولى على مرسية ذاتها، وذلك في سنة ١٢٦٦ م (٦٦٥ هـ) وانتهى بذلك حكم المسلمين في شرقي الأندلس.

وحاول خايمى بعد ذلك أن يسير إلى المشرق في حملة صليبية، وجهز بالفعل جيشاً وأسطولاً لتلك الغاية، وخرج في قواته البرية والبحرية متجهاً إلى الشرق في سنة ١٢٦٩ م، ولكن العواصف الجامحة حطمت معظم السفن الأرجونية، ودفعت بباقيها إلى الشاطىء الفرنسى، فعدل الملك خايمى عن مشروعه وسارت بضع سفن فقط، بها قوة صغيرة من القطلان والأرجونيين وفرسان شنت ياقب،

<<  <  ج: ص:  >  >>