للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشاكل الإقليمية بينهما بصورة ارتضتها كل من البلدين (١). واستطاع سانشو بعد ذلك أن يتفرغ حينا لمعالجة الشئون الداخلية لمملكته، فأصدر لمختلف المدن طائفة من القوانين البلدية، وعنى بتنظيم التجارة وتوطيد الرخاء والأمن. ولما توفي سانشو السادس خلفه على العرش ولده سانشو السابع الملقب بالقوى El Fuerte. وقد خاض سانشو السابع نفس المعارك القديمة ضد أراجون وقشتالة وذلك حسبما فصلنا فيما تقدم. وقد أشرنا كذلك إلى ما سعى إليه سانشو من محالفة الموحدين والاستنصار بهم ضد ملكى قشتالة وأراجون، بعد أن تكرر ائتمارهما بنافارا واعتداءاتهم عليها، واقتطاع أراضيها من الجانبين، وإلى ما حدث بعد ذلك من تقارب بين ملوك اسبانيا النصرانية، ومن عقد الوئام والتحالف بين ملك قشتالة ألفونسو الثامن، وسانشو السابع وذلك في اجتماع وادي الحجارة في سنة ١٢٠٧ م، ثم عقد السلم والتحالف كذلك بين ملكى نافارا وأراجون، وما كان لذلك من أثر في اجتماع كلمة الملوك النصارى، على لقاء الموحدين في جبهة موحدة في معركة العقاب (١٢١٢ م)، وهي التي خرجت منها الجبهة النصرانية مكللة بغار الظفر الباهر.

وقد شاء القدر أن تتطور مصاير نافارا على يد سانشو السابع. ذلك أنه لبث قائماً على عرشها بعد موقعة العقاب زهاء عشرين عاما أخرى. وكانت تزعجه مسألة وراثة العرش، لأنه لم يعقب بالرغم من زواجه. وكان يبغض مرشح العرش الوحيد وهو تيوبالدو ابن أخته الأميرة بلانكا وتيوبالدو الرابع كونت شامبانيا. وفي أواخر أيامه ارتد مريضاً إلى تطيلة، وبعث إلى ملك أراجون خايمى الأول يعرب له عن رغبته في تبنيه، وترشيحه لخلافته على العرش، فوافاه ملك أراجون، وعقدت بينهما في تطيلة معاهدة لتحقيق هذا الغرض (فبراير ١٢٣١). ثم توفي سانشو بعد ذلك بثلاثة أعوام (١٢٣٤ م). على أن خايمى لم يحاول أن ينفذ معاهدة تطيلة، ولا أن يسعى للجلوس على عرش نافارا. ذلك أنه كان مشغولا بافتتاح مملكة بلنسية، وبمسائل داخلية كثيرة أخرى، وكان يخشى أن يعرضه الطموح إلى عرش نافارا لمشاكل كثيرة لا قبل له بها، ومن ثم فقد آل عرش نافارا إلى الكونت تيوبالدو دي شمبانيا، ابن أخت سانشو، وكان هذا التحول أول خطوة في انسلاخ نافارا عن حظيرة الممالك الإسبانية النصرانية، ووقوعها تحت نفوذ فرنسا، وابتعادها عن الاندماج في مشاكل شبه الجزيرة الإسبانية. واستمر


(١) راجع ص ٥٨٥ و ٥٨٦ من هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>