حكم تيوبالدو حتى وفاته في سنة ١٢٥٣ م. وكانت وفاته بالمشرق في الحرب الصليبية السادسة. وكانت أيام حكمه مليئة بالاضطرابات، والخلاف مع شعبه، لأنه لم يتبع في الحكم قواعده المأثورة، ولم يفهم روح الشعب النافارى. وترك تيوبالدو، ولده تيوبالدو وارث العرش طفلا في الخامسة من عمره تحت وصاية أمه الملكة مرجريتا. وعندئذ رأت مرجريتا، اتقاءا لمطامع قشتالة القديمة، أن تضع المملكة تحت حماية خايمى الثاني ملك أراجون، وقطع خايمى على نفسه العهد بحماية نافارا من كل أعدائها، وأن يزوج ابنته كونستنزا لتيوبالدو، فإذا توفي، تزوجت من أخيه الأصغر إنريكى. وتعهدت الملكة مرجريتا من جانبها أن تقف نافارا إلى جانب أراجون ضد سائر أعدائها خلا ملك فرنسا وامبراطور ألمانيا. ووقع ما توقعته الملكة مرجريتا، وقام ملك قشتالة بمهاجمة نافارا، وهرع خايمى في قواته لحمايتها وفقاً لعهوده، وكادت الحرب تنشب بين الملكين بالرغم مما كان يربطهما من رباط المصاهرة الوثيق، ولكن تدخل الأحبار، وعقدت الهدنة بين الفريقين، وهكذا استطاع الملك تيوبالدو الثاني أن يحكم مملكته في سلام (١). ولم يتزوج تيوبالدو إبنة الملك خايمى، ولكنه تزوج إبنة لويس التاسع ملك فرنسا (القديس لويس)، وصحبه إلى المشرق، وخاض معه الحرب الصليبية السابعة، ثم صحبه إلى تونس وتوفي هنالك سنة (١٢٧٠ م). وحل محله في الحكم أخوه إنريكي
الأول خلال غيابه، فلما توفي أعلن ملكاً لنافارا، واستمر في الحكم أربعة أعوام أخرى ثم توفي سنة ١٢٧٤ م. واستمرت نافارا بعد ذلك عصراً تحت حماية فرنسا.
٣ - مملكة البرتغال
تحدثنا فيما تقدم من تاريخ الممالك النصرانية، عن نشوء مملكة البرتغال، ثم اشتداد ساعدها وتوطد أمرها، في ظل ملكها ألفونسو هنريكيز، وكيف استطاع هذا الملك أن يوطد استقلال مملكته، وأن يحميه ضد دعاوى قيصر قشتالة في السيادة. وقد كان للبابوية، فضل معاونته على اتخاذ صفة الملك المستقل، ومن ثم فقد كان للبابوية نفوذها على العرش البرتغالي. وقد أبدى ألفونسو هنريكيز فوق ذلك، غيرة ملحوظة في إنشاء جماعات الفرسان الدينية، للاستعانة بها في محاربة المسلمين وقام بتنظيم وراثة العرش، ووضع القوانين المدنية والجنائية التي تكفل تحقيق العدل.
(١) M. Lafuente: ibid ; T. IV. p. ١٢٠ & ١٢١ - Altamira: ibid ; T. I. p. ٣٩٠ & ٣٩١