للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معظمها إلى مصمودة، ومنها القبائل السبع الأولى، التي اتسمت بالصفة الموحدية، وكانت أسبق القبائل إلى مبايعة المهدي، وهي هرغة قبيلة الإمام المهدي ذاته، وهنتاتة، وأهل تينملل، وجنفيسة، وهزرجة، وجدميوة، ووريكة، ويلحق بهذه القبائل التي اكتسبت قبل غيرها صفة التوحيد، قبلة كومية وهي قبيلة الخليفة عبد المؤمن، وكذلك مجموعة أخرى من قبائل المصامدة القوية، مثل هسكورة، ودُكاله، وهيلانة، وحاحة، وغيرها، ومن غير المصامدة، زناتة تيفسرت وصنهاجة القبلية (١). وقد انضم بعض هذه القبائل، إلى العصبة الموحدية بطريق الفتح، مثل هسكورة وحاحة. وكان سلطان الدولة الموحدية يقوم على تأييد هذه القبائل، وتستأثر القبائل الموحدية السبع في الدولة، بأكبر قسط من النفوذ، وتحتل معظم المناصب الكبرى، من الوزارة والولاية والقيادة، وتغذى هذه المجموعة الكبيرة من القبائل الجيوش الموحدية الجرارة، بحشودها الزاخرة المدربة على القتال.

وقد وضع عبد المؤمن لتنظيم الموحدين نظاماً جديداً غير الذي وضعه المهدي ابن تومرت من قبل، وكان المهدي حسبما تقدم في موضعه، قد جعل من الجماعة أو الصحب العشرة، رأس الطوائف الموحدية، ومن بعدهم أهل خمسين ثم أهل سبعين، فطلبة العلم، فالحفاظ، فأهل الدار. بيد أنه لما تعاقبت الحوادث، وفُقد الكثير من أهل الجماعة، وأشياخ الموحدين، رأى عبد المؤمن أن يصنف الموحدين، إلى ثلاث طوائف: الأولى هي طائفة السابقين الأولين، وهم الذين سبقوا إلى مبايعة الإمام المهدي، وصحبوه أو غزوا معه، أو صلّوا خلفه، والذين اشتركوا في موقعة البحيرة الفاصلة. والثانية هي طبقة الموحدين، ممن دخلوا في زمرة الموحدين، منذ موقعة البحيرة حتى فتح وهران. والثالثة هي طبقة الذين دخلوا في التوحيد، منذ فتح وهران إلى ما هلم جرا، وهذا كله مع المحافظة على هيكل النظام القبلى الذي تقدم شرحه (٢).

ولما توطد سلطان الخليفة عبد المؤمن، بما تم له من استكمال فتوح المغرب والأندلس، وإخضاع سائر القبائل الخصيمة، وغلب لون الخلافة الدنيوى، بتضخم صرحها السياسي، وتحولت في الواقع إلى ملك باذخ، وضعت القواعد الأولى لتنظيم هذا الملك، وتخليده في بني عبد المؤمن، كما وضعت الأسس التي


(١) يقدم إلينا البيذق في أخبار المهدي ابن تومرت تفصيلا شاملا لبطون هذه القبائل (٣٥ - ٤٣).
(٢) راجع الرسالة الثانية عشرة من رسائل موحدية ص ٥٣ و ٥٤، وراجع أيضاً ص ٣٩٨، ٣٩٩ من هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>