بعرب سفيان وبنى جابر، ونراه يقوم بتعيين مشايخ هذه الطوائف، ونرى هذه الطوائف، تلعب في الأعوام الأخيرة الحاسمة، من حياة الدولة الموحدية، في مصايرها دوراً له خطره.
وكذا كانت القوات الأندلسية، تؤلف بالجيش الموحدي بالأندلس جناحا هاما، وتشترك في سائر الغزوات والحروب التي تشهرها الجيوش الموحدية ضد النصارى، سواء في البرتغال أو في الممالك الإسبانية. وكانت القوات الأندلسية، تمتاز بشجاعتها ودربتها، وولائها لقضية الإسلام بالأندلس، وكانت تقاتل في طليعة الجيوش الموحدية، لخبرتها بقتال النصارى، وتغدو في معظم الأحيان عاملا من عوامل النصر.
وكان الخليفة الموحدي، يقود جيوشه في الحملات والغزوات الكبرى، بالمغرب والأندلس، وكان قبيل نشوب المعركة، أو بداية الغزو، يعقد مؤتمراً حربياً لوضع خطة الغزو، ويستمع فيه إلى آراء قادته (١). وكان لآراء القادة الأندلسيين، في غزوات شبه الجزيرة رأى مسموع، وقد دلت الحوادث غير مرة، على سلامة آرائهم ونصحهم. ومتى عبىء الجيش تعبئة قتال، ضربت قبة الخليفة الحمراء، ورفع فوقها العلم الموحدي الأبيض، وأحيطت بالسلاسل الحديدية الضخمة، وكانت تضرب عادة في ساقة الجيش، ويحف بها الحرس الخليفى، وهو يتألف عادة من الجند العبيد، ونخبة من الجند البربر، يحملون الرماح الطويلة، وكان الخليفة، متى رأى قواته خلال المعركة في حاجة إلى العون، يقود الساقة بنفسه، ويشد أزر قواته، ويعاونها بذلك على إحراز النصر، وقد تقع الكارثة فيهلك الخليفة، كما حدث لأبي يعقوب يوسف في نكبة شنترين، أو يلجأ إلى الفرار، كما حدث للناصر في موقعة العقاب.
وعلى غرار ما حدث للجيوش المرابطية، في أواخر عهدها، من الاستعانة بالمرتزقة النصارى، لجأ الخليفة الموحدي، إلى حشد المرتزقة النصارى في جيشه وذلك منذ أيام الخليفة المأمون. ونحن نعرف قصة التجاء المأمون إلى ملك قشتالة فرناندو الثالث، والثمن الفادح الذي دفعه إليه، لقاء عونه إياه بفرقة من الفرسان النصارى، لكي يعبر بها إلى المغرب، ويستعين بها على مقاتلة خصمه يحيى المنتصر، وانتزاع الخلافة منه، ومنها أن تقام كنيسة كبيرة للنصارى في مراكش،
(١) ابن صاحب الصلاة في " المن بالإمامة " لوحة ٤١ أ