للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت هذه الفرقة، وعددها نحو خمسمائة فارس، هي أساس القوة النصرانية أو جيش الروم بالجيش الموحدي. وقد لعب الجند النصارى في عهد المأمون، وولده الرشيد أدوارا حاسمة، في المعارك التي خاضتها الخلافة الموحدية يومئذ ضد خصومها، وقامت بمراكش تحت رعاية الفرقة النصرانية، جالية نصرانية كبيرة، وقد استعملت البنود والطبول بالجيش الموحدي منذ البداية، وكذلك بالأساطيل الموحدية، وكان لها فرق خاصة، ونظم معينة تجرى عليها، وكانت تستعمل عند الرحيل، وعند بدء المعركة، وعند كل إجراء عام يجب أن يقوم به الجند، وكان منها الطبل الكبير الذي يضرب للرحيل، وهو مستدير الشكل يبلغ دوره خمسة عشر ذراعا من خشب أخضر اللون، مذهب الحافة، وكان يضرب للرحيل ثلاث مرات، ويسمع على مسيرة نصف يوم، من مكان مرتفع في يوم لا ريح فيه (١). وكانت الرسائل تستعمل لإذاعة الأوامر والنواهى، والانتصارات. وعند النصر يقترن ذلك بالاحتفال والإطعام.

وكانت الإنعامات والبركات من أخص امتيازات الجيش الموحدي، ولاسيما في إبان ازدهار الدولة وقوتها، وكان ذلك يشتمل فضلا عن منح الأجور والأعطية للجند، على إقامة المآدب للطعام، وتوزيع الأسلحة والكسى، وكان كساء الفارس عبارة عن طقم كامل من عفارة وعمامة وكساء وقسطة وشقة. وهذا عدا مبالغ من النقود الذهبية تصل للقادة والأعيان أحيانا إلى مائة دينار لكل منهم (٢)، وكذلك لأشياخ العرب مائة دينار لكل منهم، وللفارس عشرون دينارا، وكان النظام القبلى، هو حسبما قدمنا، أساس حشد الجيوش الموحدية، فتقدم كل قبيلة ما يتعين عليها من الفرسان والرجّالة، عند الاستنفار العام.

وكان نظام التطوع يقوم كذلك إلى جانب نظام الحشد الجبرى، فتحشد أعداد كبيرة من الجند على سبيل التطوع دون تكليف، ويسمى هؤلاء بالمطوعة (٣) وتعنى الخلافة الموحدية في نفس الوقت، وعند الاستعداد للجهاد، باستجلاب الخيل والعدد والأسلحة والرماح والبيضات والدروع والتروس وكذلك الكسى، وتوزيعها على الفرسان والجند وفق نظام معين.

ولم تغفل الخلافة الموحدية عن أهمية القوي البحرية، وخصوصاً منذ


(١) الحلل الموشية ص ١١٥.
(٢) ابن صاحب الصلاة في المن بالإمامة ص ٧٤ أ.
(٣) البيان المغرب ص ١٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>