القصر أو قصر أبي دانس وشلب بالبرتغال. ومن جهة أخرى، فإنه مما يلفت النظر، أن الموحدين لم يقتصروا على استعمال الآلات القديمة وتحسينها، بل كانوا يستعملون آلات جديدة قاذفة، تقذف الحجارة والكرات الحديدية الملتهبة. وفي أواخر العهد الموحدي بالأندلس نرى الموحدين في لبلة حين حصارها، يطلقون على القوات النصرانية المحاصرة، آلات تقذف الحجارة والحديد، ويصحبها دوى كالرعد، تشبه المدافع البدائية (١). وكان الموحدون في نفس الوقت يتفوقون في تشييد الحصون والمنشآت الدفاعية، ومازالت أطلال قصبة بطليوس العظيمة، وقلعة جابر، والأسوار الموحدية في إشبيلية ولبلة، تقوم شاهداً على هذا التفوق في فنون التحصينات.
ولما وقعت نكبة العقاب المشئومة، وسحقت الجيوش الموحدية، وتعذر على الخلافة الموحدية أن تبعث حشودها إلى الأندلس، انهارت الجبهة الدفاعية الأندلسية، ونهضت الممالك الإسبانية النصرانية لتجنى ثمار نصرها، وتلتهم من أشلاء الأندلس المهيضة ما استطاعت، وشغل الولاة الموحدون، وشغلت القوات الموحدية القليلة الباقية، بما نشب حول كرسى الخلافة الموحدية من خلاف، بدأ بالمغرب، وتردد صداه بالأندلس، فنهض أبو محمد عبد الله بن يعقوب المنصور، المتلقب بالعادل، أولا بإشبيلية، ونادى لنفسه بالخلافة ضد عمه أبي محمد عبد الواحد، وقام من بعده أيضاً بإشبيلية أخوه أبو العلى إدريس المتلقب بالمأمون، مدعيا الخلافة لنفسه، وتركت الأندلس لمصيرها، بعد أن تخلت عنها الخلافة الموحدية، تحاول بمواردها وقواها المضعضعة، أن تقف في وجه السيل المتدفق عليها، من جيوش الفتح الإسبانية، ولكن هيهات، فقد كانت مصاير الأندلس كلها، ترتجف في كفة القدر، وكان أن فقدت الأندلس، سائر قواعدها الكبرى، في أقل من ربع قرن.
٤ - الحكومة الموحدية بالأندلس
كانت نظم الحكم المرابطية للأندلس، يغلب عليها الطابع العسكرى، وكان معظم حكام الولايات الأندلسية، من قادة الجيش البارزين، مثل سير بن أبي بكر اللمتوني، ومحمد بن الحاج، ومزدلي بن تيولتكان، ويحيى بن غانية، وغيرهم من أكابر القادة. ولكن النظم الموحدية، كانت أميل إلى الطابع المدنى، وكانت