للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس، أو شبه جزيرة الأندلس كما كانت تنعت في الرسائل الموحدية الرسمية، تعتبر خلال العصر الموحدي، مثلما كانت عليه في العهد المرابطي، قطراً من أقطار الدولة الموحدية الكبرى. وكانت تنقسم إلى عدة ولايات أو عمالات، هي ولاية الغرب (شلب وأحوازها)، وباجة ويابره، وبطليوس وماردة وأحوازهما، وإشبيلية وكانت أعظمها رقعة، وتشتمل على قواعد شريش وشذونة وأركش وقرمونة وإستجه، وقرطبة وأحوازها، وجيان وأحوازها، وتشتمل على بياسة وأبدة، وغرناطة وتشتمل على وادي آش وبسطة والمنكب وألمرية وأحوازها، ومالقة وأحوازها، وكانت عمالاتها تضم أحيانا إلى سبتة والجزيرة الخضراء (١)، وبلنسية وتشتمل على قواعد قسطلونة، والجزيرة وشاطبة ودانية والجزائر الشرقية (وذلك قبل أن يستقل بها بنو غانية)، ومرسية وتشتمل على لقنت، وأوريولة ولورقة. وكان يتولى حكم هذه الولايات عادة أبناء الخليفة وإخوته أو قرابته وأصهاره. وكانت مدينة إشبيلية هي مركز الحكومة الموحدية العامة بالأندلس لما تقدم شرحه من الأسباب والبواعث، العمرانية والجغرافية والعسكرية، وقد نقلت منها الحكومة إلى قرطبة في أواخر عهد عبد المؤمن، ولكن لفترة قصيرة فقط، ثم أعيدت إلى إشبيلية، وبقيت بها حتى نهاية العهد الموحدي. وكان يتولى منصب الحاكم العام للأندلس، على الأغلب واحد من أبناء الخليفة أو إخوته، وكان أول من تولاه من أبناء الخليفة السيد أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، وذلك في سنة ٥٥١ هـ، وذلك تحقيقاً لرغبة أشياخ إشبيلية (٢). وفي إشبيلية، كان ينتظم حول ولد الخليفة، أو أخيه، بلاط موحدى صغير، كان يسطع أحيانا بمن يلتف حول السيد الحاكم، من أكابر الشخصيات الأندلسية المعاصرة، وقد كان هذا شأن بلاط السيد أبي يعقوب يوسف حينما كان يتولى حكم إشبيلية، ثم بعد ذلك لما عاد إليها بعد وفاة أبيه، متشحا بثوب الخلافة، وأقام بها بضعة أعوام. وكذلك سطع البلاط الموحدي بإشبيلية، أيام أن أقام بها ولده الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور، وحظيت إشبيلية في عهد أبي يعقوب وولده المنصور بطائفة من الصروح والمنشآت العمرانية العظيمة مثل جامع إشبيلية الأعظم، وصومعته الرائعة (لاخيرالدا)، والقصور والبساتين الموحدية خارج باب جهور، وحصن الفرج، وقنطرة طريانة، وغيرها مما سبق أن فصلناه في موضعه.


(١) راجع ص ٣٣٩ ق ١ من هذا الكتاب.
(٢) راجع ص ٣٤٨ ق ١ من هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>