للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لكل ولاية أندلسية حكومتها المحلية، تضم إلى جانب الوالي الموحدي، الوزير والكاتب وصاحب العمل، والمشرف على الجباية، هذا عدا المناصب الدينية من القضاء والخطبة والشورى وغيرها. وكانت تؤلف هذه الحكومات المحلية عادة من أهل الأندلس، وهم يختصون عادة بمناصب الكتابة والقضاء. وكان بعض السادة من أبناء الخليفة أو إخوته، يستخدمون في حكوماتهم المحلية أكابر كتاب الأندلس، جريا على سنة بلاط مراكش، فنرى مثلا السيد أبا سعيد ابن الخليفة عبد المؤمن، حين ولايته لغرناطة، يستخدم لكتابته، الكاتب والشاعر الكبير أحمد بن عبد الملك بن سعيد العنسى (١). ونرى في أواخر العهد الموحدي، السيد أبا زيد بن محمد بن يوسف بن عبد المؤمن والي بلنسية، يستخدم لوزارته وكتابته، كاتبا من أعظم كتاب الأندلس وشعرائها هو ابن الأبار القضاعى (٢). بيد أنه كانت تسند بعض المناصب الحساسة، إلى الموحدين، مثل الإشراف على الجباية والأعمال. أما حكم القواعد فكان يسند على الأغلب إلى حكام من الأندلسيين، الموثوق بولائهم وإخلاصهم للحكم الموحدي.

وكانت إشبيلية فضلا عن كونها مركز الحكومة الموحدية العامة، تتخذ في نفس الوقت، مركزاً لتجمع الجيوش الموحدية، القادمة من وراء البحر، أو العائدة من الغزو، لتعبر البحر مرة أخرى إلى أوطانها بالمغرب.

وكانت القوات الأندلسية، حسبما ذكرنا في موضعه، تؤلف جناحاً خاصاً في الجيوش الموحدية الوافدة إلى شبه الجزيرة، وكانت تقوم بحراسة كثير من الحصون في مناطق الحدود، إما مستقلة، وإما بالاشتراك مع بعض الحاميات الموحدية. وكان لجند الأندلس قيادتها الأندلسية الخاصة، إلى جانب القيادة الموحدية، وكانت هذه القيادة الأندلسية تلعب أدواراً هامة في التوجيه والإرشاد في بعض المعارك الكبرى.

ومما هو جدير بالذكر أن مملكة الشرق، أعني منطقة بلنسية ومرسية، كانت خاضعة قبل سقوطها في أيدي الموحدين في سنة ٥٦٧ هـ (١١٧١ م) لحكومة أندلسية محضة، كانت تقوم بحكمها وفقاً للتقاليد الأندلسية الخالصة، وقد لبثت هذه المنطقة دائماً، حتى بعد استيلاء الموحدين عليها، تحتفظ بطابع أندلسي قوي، يميزها عن بقية المناطق الأندلسية في الوسط وفي الغرب. ويرجع ذلك من بعض


(١) الإحاطة في أخبار غرناطة (١٩٥٦) ج ١ ص ٢٢٤.
(٢) راجع ص ٣٩٦ من هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>