للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلسي، قد بلغ في تلك الفترة المؤسية من حياة الأمة الأندلسية، ذروة قوته وروعته. وسوف نستعرض فيما يلي، أهم الشعراء، الذين ظهروا في العصر الموحدي سواء بالأندلس أو المغرب، وقد كانت الخلافة الموحدية تجذبهم إليها أينما حلت، ولم تكن الأندلس يومئذ، سوى قطر من أقطار الدولة الموحدية الكبرى.

كان في مقدمة هؤلاء الشعراء، أبو عبد الله محمد بن حسين بن عبد الله ابن حبوس، وهو من أهل فاس، وكان عالماً محققاً، وشاعراً كبيراً، يقول لنا المراكشي إن طريقته في الشعر كانت على نحو طريقة ابن هانىء الأندلسي في تخير الألفاظ الرائعة. وظهر ابن حبوس في ميدان الشعر منذ أيام المرابطين، ومدح بعض أمرائهم، ولكن نقلت إليهم عنه بعض تهم وحماقات خشى منها على نفسه، ففر إلى الأندلس ونزل مدينة شلب حيناً، ولما غلب أمر الموحدين، انضوى تحت لوائهم، ولقى الخليفة عبد المؤمن بجبل طارق مع باقي الشعراء، وامتدحه بقصيدته التي أشرنا إليها في موضعها. وكثرت مدائحه من بعده لولده الخليفة أبي يعقوب يوسف، وأمراء بني عبد المؤمن. وجمع شعره في ديوان حافل، يدل على جزالته، وقوة شاعريته. وكانت وفاته في سنة ٥٧٠ هـ عن سبعين عاما (١).

ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي العافية الأزدي، من أهل غرناطة، ويعرف بالكتندى لأن أصله من كتندة. كان أديباً كاتباً شاعراً، متمكناً من العربية، أخذ عن أقطاب عصره، وحدث عنه أبو سليمان بن حوط الله، وأبو القاسم الملاّحي وغيرهما، ومن شعره:

يا سرحة الحي يا مطول ... شرح الذي بيننا يطول

ماضٍ من العيش كان فيه ... ملبسنا ظلك الظليل

زال، وماذا عليك ماذا ... يا سرح، لو لم يكن يزول

حيَّا عن المدنف المُعنى ... منبتك القطر والقبول

وتوفي الكتندى سنة ٥٨٣ هـ (٢).

ومنهم عبد الرحمن بن محمد بن مغاور بن حكم بن مغاور من أهل شاطبة، كان من العلماء المحققين، وأخذ عن أبي على الصدفي وغيره، وكان من الكتاب البلغاء، والشعراء المجيدين، ومن شعره في الزهد:


(١) ترجمته في التكملة رقم ١٧١١، وراجع المعجب للمراكشي ص ١١٧ و ١١٨.
(٢) ترجمته في التكملة رقم ١٤٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>