للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الواقف اعتبارا بقربى ... استمع فيه قول عظيم رميم

أودعونى بطن الضريح وخافوا ... من ذنوب كلومها بأديم

قلت لا تجزعوا على فإنى حسن ... الظن بالرؤوف الرحيم

وتوفي ابن مغاور في صفر سنة ٥٨٧ هـ (١).

وأبو رجال بن غلبون من أهل مرسية، وكان أيضاً كاتباً شاعراً بليغاً يجيد النثر والنظم، وأخذ عنه الأدب جماعة من الأقطاب، مثل أبي بحر صفوان، وأبي الربيع بن سالم، وكان يحمل عن أبي اسحاق بن خفاجة ديوان شعره ويرويه ويؤخذ عنه، وتوفي سنة ٥٧٩ هـ (٢).

وكان من أعلام الشعر في تلك الفترة من أوائل العصر الموحدي، وأعظمهم شأنا، أبو عبد الله محمد بن غالب البلنسى الرفاء المعروف بالرُّصافى، نسبة إلى رُصافة بلنسية. ولد ببلنسية، وسكن غرناطة ومالقة، وبرع في الشعر والأدب، وكان ظهوره في أواخر العصر المرابطي. وكان ممن مدح الخليفة عبد المؤمن عند وفوده على جبل طارق سنة ٥٥٦ هـ، وألقى بين يديه قصيدته الغراء التي مطلعها:

لو جئت نار الهدى من جانب الطور ... قبست ما شئت من علم ومن نور

من كل زهراء لم ترفع ذؤابتها ... ليلا لسار ولم تشبب لمغمور

وقد أشرنا إليها في موضعها. وكان الرصافى يومئذ فتى في عنفوانه، ولكنه كان قد لمع في ميدان الشعر وكان له فيه افتنان وإبداع، ومع ذلك فقد كان كثير التواضع، لا يحب أن يشتهر بشعره، مع إجادته في كثير منه. وكان عزيز النفس موفور الكرامة، يعيش من صناعة الرفو، ولا يبتذل نفسه في خدمة أحد، ولا يتجر بشعره ولا يتخذه سبيلا إلى الزلفى، أو التقرب من أحد. ومن نظمه يصف نهر إشبيلية (الوادي الكبير):

ومهول الشطين تحسب أنه ... متسايل من درة لصفائه

فاءت عليه مع الهجيرة سرحة ... صدئت لفيأتها صفيحة مائه

فتراه أزرق في غلالة سمرة ... كالدارع استلقى بظل لوائه

ومن قوله:

وفتيان صدق كالنجوم تألقوا ... على الناس من شتى بروج وآفاق


(١) ترجمته نقلناها من أوراق مخطوطة من صلة الصلة لابن الزبير.
(٢) ترجمته في التكملة رقم ٨٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>