للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل قرطبة. درس الفقه والحديث على أقطاب عصره. وبرع في الأدب، وكان كاتبا بليغا وشاعراً مجيداً، كتب لبعض الولاة، وولي قضاء بعض الكور. وتوفي بالجزيرة الخضراء سنة ٦٣٥ هـ (١).

ومن أشهرهم أيضاً علي بن عبد الرحمن بن حزمون، أصله من مرسية. وكان شاعراً مجيداً، متمكناً من الآداب والتواريخ، وكان بارع التصرف في النظم، مقذع الهجاء. قال ابن عبد الملك في الذيل والتكملة " وكان شديد القنا، وارد الأنف، أزرق حاد النظر، أسيل الوجه، بادى الشر، مهيبا ". ووقعت بينه وبين بعض أدباء عصره مخاطبات ومساجلات تشهد بتقدمه وتمكنه. دخل مراكش غير مرة، جاء في آخرها متظلما إلى الخليفة المستنصر من المجريطى والي مرسية، لاضطهاده، والاعتداء عليه وضربه بالسياط. ولما ظهرت براءته مما نسب إليه من هجو المجريطي، أصدر المستنصر أمره بإنصافه، وإعدايه على المجريطي، وتمكينه منه، حتى ينتصف لنفسه، وعاد ابن حزمون إلى الأندلس، يحمل أمر المستنصر بإنصافه، ولكنه ما كاد يصل إلى مرسية حتى ورد الخبر بوفاة المستنصر، وتحطم بذلك أمله من الانتصاف لنفسه، ومن نظمه قوله:

يا من له بالأنام أنسى ... وهو إلى اللهو ذو التفات

استغفر الله من ذنوب ... أنابها نازل الصفات

وقوله وهو مطلع قصيدته في الشكوى إلى الخليفة:

إليك إمام الحق جبت المفاوز ... وخلفت خلفى صبية وعجائزا

يرجين سبب الله ثم حنانكم ... إمام الهدى حتى يمتن عجائزا

وتوفي ابن حزمون حول سنة ٦٣٠ هـ (٢).

ومن ألمعهم أيام الانهيار، إبراهيم بن سهل الإشبيلي، وقد كان يهوديا واعتنق الإسلام، وبرع في الشعر ولاسيما في الموشحات. ومن أبدع قصائده، قصيدة نظمها في مدح النبى. وقد توفي غريقاً في النهر وهو شاب في عنفوانه، وذلك في سنة ٦٤٩ هـ. ومن شعره، حينما حاصر النصارى إشبيلية في سنة ٦٤٥ هـ واشتدت الحال بأهل إشبيلية، قصيدة مؤثرة، يحثهم فيها على الصبر والثبات، وفيها يقول:


(١) ترجمته في التكملة رقم ٥٩٨.
(٢) ترجمته في الذيل والتكملة لابن عبد الملك، الجزء الرابع من مخطوط المتحف البريطاني.
وقد أورد لنا ابن عذارى كثيرا من شعره. وراجع البيان المغرب ص ٧٤ - ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>