للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاؤه، وصدقت طاعته، وخلص على السبك، ونصح على السبر، ونجعل لها من الفكر حظا، يستحق الصدق على ما سواه، من الأفكار، ويأخذ السبق على غيره من معنيات الأمور، ونراه من الأهم الأغنى، والأول الأولى، قياما بحق الله في جهاد أعدايها ومكابرى مناويها، ومن لم تنفعه العبر على مرورها على بصره، وتواردها على مشاهدته، وإدايتها به، ولم يرع سمعا دعوة الحق التي ملأت الخافقين، وقرع صوتها مسامع الثقلين، وتمكن أسباب التفرغ لذلك، والتوسع فيه، والنظر في أحكامه، فيعترض من أهل هذه المغارب، شواغب يثيرها الجهال، ويبغيها النعقة الضلال، فلا يسمع أسمالها، ولا يسوغ الإضراب عنها، قياما بحق الدين، وتوقياً من استشراء الشر، وتوقد أسباب الفتنة، فينصرف إليها من الالتفات والقصد، لحسم عللها، وإبراء أدوائها، ما يقشع غياباتها، ويطهر أقذاءها، ويفضى إلى المقصود الأول من التفرغ للجزيرة مهدها الله، والتوطيد لأمرها دوما .. الاشتغال بهذا الغرب يلط بأرجائه، ويشتمل على جوانبه، ويتخلل زواياه، وينتظم أوعاره وسهوله، حتى صفى الله مشاربه، وخلص من الشوب مشارعه. ووقف بأهل الانتزاء من أصناف مشغبية على تايب أنات بقلبه، وندم على ما فرط من ذنبه، وعلى شقى تمادى في غلوايه، ولج في تمرده فولى كل ما استحق، وسهم خطة ما رضى، ووجد التايب برد الأمان، وتبوأ كنف الإحسان، وحقت على العاصى كلمة العذاب، وأخذه التياب، والصيرورة إلى سوء المآل، وشر المآب، وما ربك بظلام للعبيد. ولما تولى الله هذه الجهات منة التمهيد، وبسط لها نعمة التمكين والتوطيد، انعطف النظر إلى محل مثاره، وسال سيل الاعتقاد إلى قراره، وتوجه حفل الاشتغال إلى الجزيرة مهدها الله، وتوفرت دواعى الاستعداد لنصرتها وجهاد عدوها، ورأينا في أثناء ما نحاوله من مروم هذه الغزوة المتممة المباشرة، أن نقدم بين أيدينا عسكراً مباركاً من الموحدين أعانهم الله، صحبة الشيخ الأجل أبي حفص أعزه الله، يكون تقدمه لجواز جمهور الموحدين، ومؤديا بما عزمنا عليه، والله المستعان، من التحرك لجملة أهل التوحيد، والقصد لهذا الغزو الميمون، الذي جعلناه نصب العين، وتجاه الخاطر، فتتعاونون مع إخوانكم الواصلين على بركة الله إليكم، على جهاد أعدايكم، إلى أن يوافيكم إن شاء الله هذا العزم، ويلم بكم هذا القصد، ويعتمدكم هذه الحركة المحكمة أسبابها، المبرمة أغراضها، التي انعقدت بها النية،

<<  <  ج: ص:  >  >>