مكانا للقرار، ومنزلا لإلقاء عصى التسيار. وعند ذلك أذن لهم، أعلى الله تعالى إذنه، وجدد مجده ويمنه، في النقلة إلى رباط الفتح عمره الله تعالى، بقضيضهم وقضهم، وأن يتخذوا مساكنه وأرضه بدلا من مساكنهم وأرضهم، ويعمروا منه بلداً بقبل منهم أولى من قبل، ويحملهم إن شاء الله تعالى، وخير البلاد ما حمل، فإنه مناخ التاجر والفلاح، وملتقى الحادي الملاح، والمرافق من بر أو بحر، موجودة في فصول السنة، مؤذنة لقاطنه بالمعيشة الهنية، والحال الحسنية، ولهم أفضل ما عهده رعايا هذا الأمر العزيز، أدامه الله تعالى، من التوسعة على قويهم، كى يزداد قوة، والرفق بضعيفهم حتى ينال يسارا وثروة، وأن يتوسعوا في الحرث، ففي أرضه هنالك متسع، ويتبسطوا في كل ما لهم منه مكافىء وبه منتفع، ويغرسوا الكروم وأنواع .. على عادتهم ببلادهم، ويتأثلوا الأملاك لأنفسهم وأولادهم، وأولاد أولادهم، وكل ما يعمرون من الضياع، ويقتنون من الأصول والركاع، فله حكم .. على الإطلاق والدوام، لا يلزمون فيه شيئاً من وجوه الإلزام، ولا يطلبون بغير حقوق الشرع، التي جعلها الله تعالى في أموال أهل الإسلام، وأقوالهم في مقاديرها مصدقة، وأمانيهم كلها لهم، واللاحقين بهم محققة، والولاة والعمال حفظهم الله تعالى، مأمورون بأن يحفظوهم من كل أذى يلم بجانب من جوانبهم، ويعوق عن مأرب صغير أو كبير من مآربهم، وأن يكرموا غاية الإكرام، نبهائهم وأعيانهم، ويولونهم من حسن الجوار، ما ينسيهم أوطانهم، حتى تدفع عنهم كل شبهة من شبه الحيف، ويجمع لهم بين الرعاية حرمة البلوى، والعناية بحق الضيف. احتسب منه على الله تعالى أمره، وأوزع شكره، ينسحب على جماعتهم وأفرادهم، ويحملهم على موجب اعتلامهم بهذا الأمر العلى، أدامه الله تعالى وملاه بهم، فمن وقف عليه من المكانة والعمال، أكرمهم الله تعالى، فليعمل بحسبه، ولا يعدل عن كريم مذهبه، إن شاء الله تعالى، وهو تعالى المستعان، لا رب سواه. كتب في الحادي والعشرين لشعبان المكرم من سنة سبع وثلاثين وستماية.
٧
رسالة الخليفة المرتضى لأمر الله إلى البابا إنوصان الرابع
ينوه في بدايتها بدحض نظرية التثليث، ويشير فيها إلى ما ورد من كتب البابا إلى الخلافة الموحدية، ويرجوه أن يكون اختيار الحبر المكلف بالنظر في شئون