للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدنيا الفانية، ورغب في الأخرى الباقية، فنعم الراغب الزاهد.

وبعد كتابنا كتب الله تعالى لنا حظوظا من رضاه، تزكو وتتوفر، واستعملنا وإياكم بكل ما نتهيأ به لإحراز الفوز لديه ونتيسر، من حضرة مراكش حرسها الله تعالى، ودين الله عز وجل عال مسماه ومصعده، والتوحيد حال بالظهور جيده ومقلده، والسعى معمل في ابتغاء [منِّ] الله تعالى موفقه ومسدده، والحمد لله رب العالمين حمداً يتوالى على الألسنة تكرره وتردده، ونستدعى به من مزيد النعماء أفضل ما وعد به تعالى من يشكره ويحمده، وإلى هذا يسر الله تعالى بتوفيقه إسعادكم، وجعل في طاعته التي تعبّد بها خلقه إصدار [كم] وإيرادكم، فإنه سبقت منا إليكم مراجعات عن كتبكم الموثرة الواصلة إلينا [وأرسلنا] نحوكم من الجواب عنها، ما تممنا به بركم ووفينا، وعرفناكم أنا نوجب لمنصبكم الذي أبز في ملتكم على المناصب، وأقر لرتبتكم فيه أهل دينكم، بالشفوف على سائر ما لهم من المراتب، فأنتم عندنا لذلكم بالتكرمة الحفيلة ملحوظون، وبالعناية الجميلة محظوظون، نؤكد من أسباب المواصلة لكم ما حقه أن يؤكد، ونجدد من عهود الحفاية بكم ما شأنه أن يجدد، ونشكر لكم ما توالى علينا من حسن إيثاركم لجانبنا وتردد. وفي سالف هذه الأيام انصرف عن حضرة الموحدين أعزهم الله، البِشُب الذي كان قد وصل بكتابكم إلينا، انصرافا لم يعده منا فيه بر وإكرام، ولم يغبه فيه اعتناء به واهتمام، كما أنه في المدة التي قضى له فيها لدينا بالمقام، لم نزل نتعهده أثناءها بالإحسان والإنعام، وتحمّل كتابنا إليكم تعريفاً بما اختار من انصرافه، وتوخياً في ما آثره من ذلك لإسعافه، وما قصر له في حالى مقامه ورحيله، ولا عدل به عن حفى البر وحفيله، وسنى المن وجزيله، ذهابا لتكريم إشارتكم السابقة في حقه، وسلوكاً به من البر على أوضح طرقه، والله تعالى يرشد في كل الأحوال لأزكى الأعمال لديه، وينجد من الأقوال والأفعال على ما يقرب إليه بمنه. ومتى سنح لكم أسعدكم الله تعالى بتقواه، أن توجهوا لهاولاء النصارى المستخدمين ببلاد الموحدين أعزهم الله، من ترونه برسم ما يصلحهم في دينهم ويجريهم على معتاد قوانينهم، فتخيروه من أهل العقل الراجح، والسمت الحسن وممن يستلذ في النزاهة على واضح السنن، وممن يتميز في الخدمة بالمذهب المستجاد والقصد المستحسن، وذلكم هو الذي إذا تعين من قبلكم مستجمعاً للصفات المذكورة، ومتحلياً بالخلال المشكورة، حسن في كل ما يستخدم، وتسنى له

<<  <  ج: ص:  >  >>