للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبرم بتدخلهم واستبدادهم، وكان حينما عبر السلطان أبو الحسن قد خاطبه فى شأنهم وفى سبيل الخلاص منهم، واستراب بنو العلاء منه وتوجسوا شراً، فاتمروا به للتخلص منه قبل أن يبطش بهم، ولحق به المتآمرون حين عوده واغتالوه طعناً بالرماح، وتركت جثته فى العراء حيناً حتى نقلت بعد ذلك إلى مالقة ودفنت بها (١).

- ٢ -

وولى العرش من بعده أخوه أبو الحجاج يوسف بن أبى الوليد إسماعيل، وهو فتى فى السادسة عشرة. وكان من أعظم ملوك بنى نصر وأبعدهم همة وأرفعهم خلالا. وكان عالماً شاعراً يحمى الآداب والفنون، وهو الذى أضاف إلى قصر الحمراء أعظم منشآته وأروعها. وما كاد يتبوأ العرش حتى عنى بتتبع بنى أبى العلاء قتلة أخيه، وتجريدهم من وظائفهم وتمزيق عصبتهم والقبض على شيوخهم، وكان ذلك فى الوقت نفسه تحقيقاً لرغبة السلطان أبى الحسن. ثم نفاهم فى السفن إلى تونس، وانتهت بذلك رياستهم بالأندلس، بعد أن طالت زهاء نصف قرن، ولما نزلوا على سلطان تونس أبى يحيى الحفصى، طالب السلطان أبو الحسن بتسليمهم فأرسلهم إليه أبو يحيى ولكن مع طلب الشفاعة فيهم، فعفا عنهم أبو الحسن، وأكرم مثواهم مدى حين، ولكنه عاد فقبض عليهم بتهمة التآمر عليه، وأودعهم ظلام السجن (٢).

وعهد السلطان أبو الحجاج بمشيخة الغزاة، بعد سحق بنى أبى العلاء على النحو المتقدم، إلى زعيم آخر من قرابة بنى مرين هو يحيى بن عمر بن رحّو، فاضطلع بها على خير وجه، ولبث مضطلعاً بها طول عصر أبى الحجاج.

وقام بتدبير الأمور للسلطان أبى الحجاج وزير أخيه الحاجب أبو النعيم رضران، وكان هذا الوزير القوى الذى لعب فى تاريخ غرناطة دوراً ذا شأن، من أصل نصرانى قشتالى أو قطلونى، وسبى طفلا فى بعض المواقع، فأخذ إلى الدار السلطانية، ونشأ فى بلاط السلطان أبى الوليد إسماعيل (٣). وظهرت نجابته وصفاته الممتازة، فعهد إليه بتربية ولده أبى عبد الله محمد. ولما تولى محمد الملك بعد أبيه تولى وزارته الحاجب رضوان، فأظهر فى تدبير الشئون كفاية ممتازة، وقاد بعض


(١) ابن خلدون ج ٧ ص ٢٦٣ و ٢٦٤ و ٣٧٢.
(٢) ابن خلدون ج ٧ ص ٢٦٤.
(٣) الإحاطة ج ١ ص ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>