به الأسرى والبضائع بردها لمن أخذت منهم، وبالبحث عن الفاعلين ومعاقبتهم (١).
ولما توفى محمد خلفه فى الملك أخوه يوسف (الثالث)، وكان سجينا طوال حكمه بقلعة شلوبانية كما قدمنا. ودخل يوسف غرناطة فى حفل فخم، واستقبله الشعب بحماسة. وكان يتمتع بخلال حسنة، ويعلق عليه الشعب آمالا كبيرة. وكان أول ما عنى به أن سعى إلى تجديد الهدنة مع قشتالة، فاستجاب بلاط قشتالة إلى دعوته فى البداية وعقدت الهدنة بين الفريقين لمدة عامين. ولكنه لما سعى بعد مضى العامين إلى تجديدها أبى القشتاليون، وطلبوا إليه الخضوع لقشتالة إذا شاء استمرار السلم، وأنذروه بإعلان الحرب، فرفض وأخذ فى الأهبة للقتال. وكان ملك قشتالة يومئذ خوان الثانى تحت وصاية أمه وعمه فرناندو، فما كادت تنتهى الهدنة حتى زحف النصارى على أرض غرناطة بقيادة فرناندو الوصى، وضربوا الحصار حول مدينة أنتقيرة فى شمال غربى مالقة، فهرع يوسف إلى لقاء الغزاة، وحاولت حامية أنتقيرة أن تحطم الحصار، وأنزلت بالمحاصرين خسائر فادحة، ثم نشبت بين المسلمين النصارى معركة كبيرة بجوار أنتقيرة، وبذل المسلمون لإنقاذ المدينة المحصورة جهوداً رائعة، ولكنهم هزموا أخيراً واضطرت المدينة الباسلة إلى التسليم، فدخلها النصارى (سنة ١٤١٢ م) وأسبغ على فاتحها فرناندو من ذلك الحين لقب "صاحب أنتقيرة". وعاث النصارى بعد ذلك فى أراضى المسلمين. وأخيراً رأى السلطان يوسف أن يسعى إلى عقد الهدنة مع قشتالة حقنا لدماء المسلمين، واجتنابا لاستمرار هذه المعارك المخربة، فارتضى بلاط قشتالة وعقد السلم بين الفريقين، على أن يطلق ملك غرناطة سراح بضع مئات من الأسرى النصارى دون فدية.
وفى عهد يوسف ثار أهل جبل طارق، ودعوا ملك المغرب أبا سعيد المرينى إلى احتلال الثغر. لاعتقادهم أنه أقدر على حمايتهم من غارات النصارى، فبعث إليهم أبو سعيد أخاه عبد الله فى الجند تخلصاً منه، ولكن ابن الأحمرما كاد يقف على هذه المؤامرة حتى أرسل المدد إلى حاكم جبل طارق، واستطاع الغرناطيون أن يهزموا المغاربة فى موقعة حاسمة، وأسر زعيمهم عبد الله، فأكرم ابن الأحمر وفادته، ثم رده إلى المغرب، وزوده بالمال وبعض الجند ليناهض أخاه،