محالفته ضد قشتالة، ونفذ هذا الحلف بأن غزا الأحنف أرض النصارى من ناحية
أراضى مرسية، والتقى بالقشتاليين قرب جنجالة وهزمهم هزيمة شديدة (١٤٥٠ م) ثم عادت قواته تكرر الإغارة والعيث فى أرض النصارى وتشغل قواتهم. وكان ابن إسماعيل يقيم أثناء ذلك فى حصن مونتى فريو، وقد أقرت بطاعته بعض البلاد والحصون المجاورة. وهكذا اتسع نطاق النضال، وعصفت الحرب الأهلية من جهة، وغزوات النصارى من جهة أخرى بقوى غرناطة. وكان السلطان الأحنف بالرغم من عزمه وقوة نفسه، يثير غضب الشعب بطغيانه وقسوته وعنفه، وكانت معظم الأسر الكبيرة تعمل لإسقاطه، لما لقيت من بطشه وعدوانه، وهكذا تهيأ الجو لانقلاب جديد. وهنا يحيق الغموض بولاية العرش الغرناطى ويختلف القول فى شأنها. والرواية الإسلامية مقلة فى هذا الشأن، ولم يصلنا منها عن حوادث هذه الفترة المضطربة من تاريخ غرناطة سوى القليل، ومن ثم فإن جل اعتمادنا هنا على الروايات القشتالية. وفى بعض هذه الروايات أن ملك قشتالة عاد بعد أن سوى خلافه مع أراجون إلى التدخل فى شئون غرناطة، فزود ابن إسماعيل ببعض قواته، وسار الأحنف لقتال منافسه، ونشبت بين الفريقين فى ظاهر غرناطة معركة شديدة، انتهت بهزيمة الأحنف وفراره؛ ودخل ابن إسماعيل غرناطة، وجلس على العرش، وكان ذلك فى سنة ١٤٥٤ م. وفى بعض الروايات الأخرى أن السلطان الأحنف استمر فى الحكم حتى سنة ١٤٥٨ م. ثم خلفه فى الحكم الأمير سعد بن محمد حفيد السلطان يوسف الثانى، واستمر فى الحكم أربعة أعوام. ثم عزل فى سنة ١٤٦٢ م، وأعيد السلطان يوسف الخامس (ابن إسماعيل)، وحكم حتى أواخر سنة ١٤٦٣ م (١).
ْوكان السلطان ابن إسماعيل أميراً عاقلا حازما عادلا، محبا للإصلاح والأعمال الإنشائية، فعكف على ضبط الأمور وتوطيد الأمن، وإقامة الأبنية وتحصين القواعد والثغور. وكان فارسا بارعا يشترك بنفسه أحيانا فى مباريات الفروسة. ولأول عهده أرسل إلى ملك قشتالة خوان الثانى يؤكد طاعته، وساد السلم لفترة قصيرة بين المسلمين والنصارى. ولكن خوان الثانى توفى بعد أشهر قلائل، وخلفه ولده هنرى الرابع، وأبى ابن اسماعيل أن يعترف بحماية ملك قشتالة
(١) Condé: ibid ; V. III. p. ٢٠١ & ٢٠٢.: وراجع أيضاً Seco de Lucena: Una Rectificacion a la Historia de los ultimos Nasries (Al-Andalus Vol. XVII, Fasc. ١) .