الجديد، محاولا بذلك أن يكتسب الشعب إلى جانبه، وأن يوطد مركزه؛ وسير بعض قواته فى نفس الوقت فأغارت على الأراضى القشتالية، وأصر ملك قشتالة من جانبه على وجوب خضوع ملك غرناطة وطاعته، واعتزم أن يتابع الضغط على المملكة الإسلامية الصغيرة دون هوادة، فسار إلى أراضى غرناطة فى جيش ضخم وعاث فيها، وانتسف المروج والضياع، وقتل وسبى من أهلها جموعا كبيرة، ولقيه المسلمون فى قوات صغيرة أنزلت بجيشه خسائر كبيرة. وعاد القشتاليون فى العام التالى إلى عيثهم فى أراضى المسلمين، وغزا المسلمون من جانبهم منطقة جيّان وأوقعوا هنالك بالنصارى، واستمرت هذه المعارك كدى حين سجالا بين الفريقين. وكان النصارى قد استولوا فى تلك الفترة المضطربة من حياة المملكة الإسلامية، على عدة من القواعد والثغور الإسلامية، بعضها اختيارا بتنازل سلاطين غرناطة والبعض الآخر بالفتح. وكانت أعظم ضربة أصابت مملكة غرناطة فى عهد السلطان ابن إسماعيل، سقوط ثغر جبل طارق فى يد النصارى. ففى سنة ١٤٦٢ م (٨٦٧ هـ) سارت إليه قوة من القشتاليين بقيادة الدوق مدينا سيدونيا، واستولت عليه بطريق المفاجأة. وكان سقوط هذا الثغر المنيع فى يد النصارى، أول خطوة ناجعة فى سبيل قطع علائق مملكة غرناطة بعدوة المغرب، والحول دون قدوم الأمداد إليها من وراء البحر.
على أن خطر الفورات الإسلامية القوية فيما وراء البحر، كان قد خبا منذ بعيد، وأخذت دولة بنى مرين القوية تجوز مرحلة الإنحلال والسقوط، وكان آخر ملوكهم السلطان عبد الحق، قد خلف أباه السلطان أبا سعيد المرينى فى سنة ٨٢٣ هـ (١٤١٥ م). وفى عصره ساد الاضطراب والتفكك فى أنحاء المملكة، واستبد وزيره يحيى بن يحيى الوطّاسى بالدولة. وكان بنو وطّاس ينتمون إلى بطن من بطون بنى مرين، وينافسونهم فى طلب الرياسة والملك، فلما اشتدت وطأتهم على السلطان عبد الحق، بطش بهم وقتل معظم رؤسائهم، وفى مقدمتهم وزيره يحيى، ونجا البعض منهم وتفرقوا فى مختلف الأنحاء. وأسلم عبد الحق زمام دولته إلى اليهود فبغوا وعاثوا فى الدولة؛ وغضب الشعب على مليكه، واضطرمت الثورة، وعزل عبد الحق وقتل (٨٦٩ هـ - ١٤٦٤ م)، وانتهت بمصرعه دولة بنى مرين بعد أن عاشت زهاء مائتى عام؛ واستولى على تراث بنى مرين وملكهم، بنو وطّاس خصومهم القدماء، واستطاع زعيمهم محمد الشيخ أن يستولى على فاس فى سنة