لها. وعمد سانشو إلى الدس والغيلة للتخلص من خصومه، وأبدى فى مطاردتهم قسوة متناهية. وفى تلك الفترة التى اضطربت فيها شئون قشتالة، آثر سانشو أن يستجيب إلى عقد السلم مع مملكة غرناطة، وكان ابن الأحمر من جانبه يتوق إلى عقد مثل هذه الهدنة مع قشتالة، لما كان يساوره من جزع من جراء تدخل سلطان المغرب أبى يوسف المنصور فى شئون الأندلس، بصورة خشى معها على سلطانه حسبما فصلنا ذلك فى موضعه، وعلى ذلك تمتعت غرناطة ببضعة أعوام من السكينة والسلام.
ولما توفى سانشو فى سنة ١٢٩٦ م، خلفه ولده فرناندو الرابع طفلا فى السادسة من عمره، وتولت الوصاية عليه أمه ماريا دى مولينا، وبالرغم مما أبدته أمه من الشجاعة فى الذود عن العرش وعن الملك الطفل، ومن براعة فى تصريف الشئون، فقد كان عهده عهد اضطراب وفوضى، وعاد النبلاء والمتنافسون فى طلب العرش إلى تدبير الثورات المتعاقبة، واضطر الملك الطفل وأمه إلى الفرار من إشبيلية، والالتجاء إلى حماية أهل آبلة الذين آزروه واستقبلوه بترحاب وحماسة. ولما بلغ فرناندو أشده، استطاع أن يعود إلى عرشه بمؤازرة أصدقائه وأنصاره، ولكنه أبدى قصوراً وعجزاً فى تسيير الشئون، كما أبدى عقوقاً ونكراناً لأمه، التى كفلته وحمته فى طفولته. وفى عهد فرناندو ساءت العلائق بين قشتالة ومملكة غرناطة، وعاد النصارى إلى غزو أراضى المسلمين. وكان من أعظم الحوادث فى هذا العهد، استيلاء القشتاليين على ثغر جبل طارق، وذلك فى سنة ٧٠٩ هـ (١٣١٠ م).
ولما توفى فرناندو خلفه على العرش ولده الطفل ألفونسو (الحادى عشر)، ولما يبلغ الحول من عمره، وتولى الوصاية عليه الدون بيدرو والدون خوان وهما زعيما النبلاء. وبالرغم مما كان يسود قشتالة يومئذ من ضروب الاضطراب والفوضى، فقد اعتزم رهط الأمراء والنبلاء المضى فى غزو الأراضى الإسلامية، وعاث الجند القشتاليون فى بسائط غرناطة، واستولوا على عدة من الحصون، وهزموا المسلمين فى موقعة شديدة (١٣١٧ م). وكان ذلك فى بداية عصر السلطان أبى الوليد إسماعيل. وبعد ذلك بعامين زحف الجند القشتاليون، بقيادة الدون بيدرو والدون خوان الوصيين وعدد كبير من الأمراء، على العاصمة الأندلسية ذاتها، والتقى المسلمون والنصارى على مقربة من غرناطة، وكانت موقعة هائلة كتب فيها النصر للمسلمين وقتل الدون بيدرو والدون خوان ومعظم الأمراء القشتاليين (١٣١٩ م).