للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلما كشفت المباحث الأثرية فى أنحاء الحمراء أو حولها، عن بعض النقود والتحف الإسلامية.

وتقدم إلينا الرواية بعض الأساطير المروعة عن "بهو السباع" والبهو الذى يقابله وهو المسمى بهو بنى سراج. فأما بهو السباع فتزعم الرواية أنه كان مسرحاً دموياً لمصرع بعض أبناء السلطان أبى الحسن. وأما بهو بنى سراج فتقول الرواية إنه كان مسرحاً لمصرع بنى سراج أعرق الأسر الغرناطية وأوفرها جاهاً وفروسة، وكانت فى أواخر عهد السلطان أبى الحسن قد انتظمت إلى جانب خصومه، وأمعنت فى مناوأته، فقرر إهلاكهم (١). وقيل إن عميدهم محمد بن سراج، وهو من أكابر الفرسان والسادة، هام بحب أميرة من البيت المالك، فوجد عليه السلطان وقرر سحق الأسرة كلها، ودبر كميناً لإهلاكهم، فدعا أكابرهم ذات مساء إلى حفل أقامه، وأدخلوا واحداً بعد واحد بترتيب معين، من باب البهو المذكور، وكلما دخل أحدهم بادره القتلة ونحروه على حافة الحوض الرخامى الواقع وسطها، حتى أعدموا جميعاً، وفقدت الأسرة كل أنجادها. وسمى المكان من ذلك الحين "بهو بنى سراج". وما زالت ثمة بقع داكنة فى قاع الحوض الذى سالت فيه دماء القتلى تقول الرواية إنها بقع من دمائهم، وإنها لن تمحى قط، وتزيد الأسطورة على ذلك أنه ما زالت تسمع فى ذلك البهو فى بعض الليالى أنات خافتة، وقعقعة سلاح، وأنه حدث أكثر من مرة أى رأى حراس الحمراء فى جوف الليل، بعض الجند المسلمين، وقد لمعت أثوابهم الزاهية وأسلحتهم البراقة، يقطعون البهو جيئة وذهاباً (٢).

وهناك طائفة كبيرة من الأساطير الغرامية، تروى عن الملوك والسادة الذين


(١) راجع رواية هرناندو دى بايثا المنشورة ضمن " أخبار العصر " ص ٦٦.
(٢) يلاحظ أن الرواية الإسلامية لا تحدثنا عن هذه المأساة بشىء. ولكن الرواية والأغانى الإسبانية تكثر الحديث عنها. ويشير الوزير محمد بن عبد الوهاب الغسانى سفير ملك المغرب إلى ملك اسبانيا فى أواخر القرن السابع عشر إلى تلك الأسطورة فى رحلته نقلا عن التواريخ الإسبانية (راجع رحلة الوزير فى افتكاك الأسير ص ٢٤). وقد كانت حوادث هذه المأساة المزعومة وما اقترن بها من الأساطير مستقى خصباً لكتاب القصص. وقد وضع الكاتب الفرنسى شاتوبريان عن بنى سراج قصة عنوانها مغامرات ْآخر بنى سراج ( Aventure du dernier Abencérrages) يحدثنا فيها عن فتى أندلسى هو آخر سليل لبنى سراج، وكانت الأسرة قد نزحت إلى تونس عقب سقوط غرناطة، وعاشت هناك فى فقر وضعة، فاعتزم الفتى أن يحج إلى غرناطه موطن آبائه القديم، وهنالك هام حباً بفتاة اسبانية رائعة الحسن، وهامت بحبه، ولكن اختلاف الدين حال دون زواجهما، فارتد الفتى المسلم إلى الصحراء وانقطع أثره، وعاشت حبيبته فى عزلة محتفظة بحبه وذكراه

<<  <  ج: ص:  >  >>