وكان فرناندو يخشى فى البداية عواقب التسرع فى تنفيذ هذه السياسة، لأن الأمن لم يكن قد توطد بعد فى المناطق المفتوحة، ولأن المسلمين لم ينزع سلاحهم تماماًؤ، وقد يؤدى الضغط إلى الثورة، فتعود الحرب كما كانت. ولكنه انتهى إلى الخضوع لرأى الكنيسة، واستدعى الكردينال خمينس إلى غرناطة ليعمل على تحقيق مهمة تنصير المسلمين، فوفد عليها فى شهر يوليه سنة ١٤٩٩ م (٩٠٥ هـ)، ودعا أسقفها الدون تالافيرا إلى اتخاذ وسائل فعالة لتنصير المسلمين، وأمر بجمع فقهاء المدينة ودعاهم إلى اعتناق النصرانية، وأغدق عليهم التحف والهدايا، فأقبل بعضهم على التنصير، وتبعهم جماعة كبيرة من العامة، واستعمل الوعد والوعيد والبذل والإرغام، فى تنصير بعض أعيان المسلمين.
وكان قد اعتنق النصرانية قبيل سقوط غرناطة وبعدها، جماعة من الأمراء والوزراء، وفى مقدمتهم الأميران سعد ونصر، ولدا السلطان أبى الحسن من زوجه النصرانية اليزابيث دى سوليس المعروفة باسم ثريا، فقد تنصرا ومنحا ضياعاً فى أرجبة، وتسمى أحدهما باسم "الدوق فرناندو دى جرانادا" (أى صاحب غرناطة)، وخدم قائداً فى الجيش القشتالى، واشتهر بغيرته فى خدمة العرش، وتسمى الثانى باسم "ديوان خوان دى جرانادا" (١). وتنصر سيدى يحيى النيار قائد ألمرية وابن عم مولاى الزغل، عقب تسليمه لألمرية، وتسمى باسم "الدون بيدرو دى جرانادا" وتنصرت زوجه السيدة مريم ابنة الوزير بنيغش، وتنصر ابنه علىّ، باسم "الدون ألونسو دى جرانادا فنيجاس"، وتزوج من دونيا خوانا دى مندوثا وصيفة الملكة. وتنصر الوزير أبو القاسم بن رضوان بنيغش، ومعظم أفراد أسرته، وعادت أسرته تحمل لقبها القشتالى القديم Los Venegas، واشتهرت فى تاريخ اسبانيا الحديث، وأنجبت كثيراً من أكابر القادة والأحبار.
ونصر آل الثغرى الذين اشتهروا فى الدفاع عن مالقة وغرناطة قسرا، وسمى عميدهم باسم "جونثالفو فرنانديث ثجرى"، وتنصر الوزير يوسف بن كماشه وانتظم فى سلك الرهبان. وهكذا اجتاحت موجة التنصير كثيراً من الأكابر والعامة معاً.
وتمركزت حركة التنصير فى غرناطة بالأخص فى حىّ البيّازين، حيث حول