للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى معظم أنحاء ألمرية، وهكذا عمت الثورة الموريسكية معظم أنحاء الأندلس، واشتد الأمر بنوع خاص فى بسطة ووادى آش وألمرية (١).

وكان محمد بن أمية متحصناً بقواته فى آكام بوكيرا الوعرة، وكان الموريسكيون رغم نقص مواردهم وسلاحهم، قد حذقوا حرب الجبال ومفاجآتها، فما كاد الإسبان يقتربون حتى انقضوا عليهم، ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة، ارتد الموريسكيون على أثرها إلى سهول بطرنة، وتخلف كثيرون منهم ولاسيما النساء، ففتك الإسبان بهم فتكاً ذريعاً، وحاول منديخار أن يتفاهم مع الثائرين على العفو، وأن يخلدوا إلى السكينة، وبعث إليهم بعض المسالمين من مواطنيهم. وكتب الدون ألونسو فنيجاس (بنيغش) سليل الأسرة الغرناطية القديمة إلى ابن أمية يعاتبه، وأنه قد جانب العقل والحزم فى القيام بهذه الحركة التى تعرضه وتعرض أمته للهلاك، ونصحه بالتوبة والتماس العفو. وكان محمد بن أمية يميل إلى الصلح والتفاهم، وتبودلت بالفعل المكاتبة بينه وبين المركيز دى منديخار فى أمر التسليم، ولكن المتطرفين من أنصاره ولاسيما المتطوعين المغاربة، رفضوا الصلح، فاستؤنفت المعارك، ورجحت كفة الإسبان، وهزم الموريسكيون مرة أخرى، وأعلن المركيز دى منديخار أن الأسرى الموريسكيين يعتبرون رقيقاً، وفرّ محمد بن أمية، وأسرت أمه وزوجه وأخواته. وأصيب الإسبان بهزيمة شديدة فى آكام "جواخاريس" وقتل منهم مائة وخمسون جندياً مع ضباطهم، ولكن الموريسكيين آثروا الارتداد، وقتل الإسبان من تخلف منهم أشنع قتل، وكان ممن تخلف منهم زعيم باسل يدعى " الزمار " أسره الإسبان مع ابنته الصغيرة، وأرسلوه إلى غرناطة حيث عذبوه عذاباً وحشياً إذ نزع لحمه من عظامه حياً، ثم مزقت أشلاؤه. وهكذا كانت أساليب الإسبان ومحاكم التحقيق إزاء العرب المتنصرين.

واختفى محمد بن أمية مدى حين فى منزل قريبه "ابن عبو"، وكان من أنجاد الزعماء أيضاً، وطارده الإسبان دون أن يظفروا به. على أن هذه الهزائم لم تنل من عزم الموريسكيين، فقد احتشدوا فى شرقى البشرات فى جموع عظيمة، وأخذوا يهددون ألمرية، فسار إليهم المركيز "لوس فيليس" على رأس جيش آخر، ووقعت بين الفريقين عدة معارك شديدة، قتل فيها كثير من الفريقين، ومزق الموريسكيون، وفتك الإسبان كعادتهم بالأسرى، وقتلوا النساء والأطفال قتلا ذريعاً.


(١) Marmol: ibid ; IV ; Cap. XXXVI

<<  <  ج: ص:  >  >>