للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسيسين والرهبان والبطارقة، وطلب منهم الرأى، وما يكون عليه العمل فى شأن المسلمين الذين هم ببلاده كافة، فبدا الشأن فى أهل بلنسية، فأخذوا الرأى، وأجمعوا كلهم على إخراج المسلمين كافة من مملكته، وأعطاهم السفن، وكتب أوامر وشروطاً فى شأنهم، وفى كيفية إخراجهم، وشدد على عماله بالوصية، والاستحفاظ على كافة المسلمين من الأندلس. نعم أريد أن أذكر لك نبذة يسيرة اختصرتها، وترجمتها، من جملة أسباب ذكرها الملك الكافر أبعده الله، فى أوامره، التى كتبها فى شأن إخواننا الأندلس حين إخراجهم من الجزيرة الخضراء، لتكون على بصيرة من أمرهم، وتعلم بعض الأسباب التى أخرجوا لأجلها على التحقيق، لا كما يزعم بعض الحاسدين، وليؤيد ما قدمناه آنفاً من أمر السلطان أحمد آل عثمان، وتكمل الفايدة، ولئلا يساء الظن بنا معشر الأندلس.

" قال الملك الكافر، أبعده الله تعالى وزلزله آمين: لما كانت السياسة السلطانية الحسنة الجيدة موجبة لإخراج من يكدر المعاش على كافة الرعية النصرانية، فى مملكتها التى تعيش عيشهاً رغداً صالحاً، والتجربة أظهرت لنا عياناً، أن الأندلس الذين هم متولدون من الذين كدروا مملكتنا فيما مضى، بقيامهم علينا، وقتلهم أكابر مملكتنا، والقسيسين والرهبان الذين كانوا بين أظهرهم، وقطعهم لحومهم، وتمزيقهم أعضاءهم، وتعذيبهم إياهم بأنواع العذاب، الذى لم يسمع فيما تقدم مثله، مع عدم توبتهم فيما فعلوه، وعدم رجوعهم رجوعاً صالحاً من قلوبهم، لدين النصرانية، وأنه لم ينفع فيهم وصايانا، ورأينا عيانا أن كثيراً منهم قد أحرقوا بالنار، لاستمرارهم على دين المسلمين، وظهر منهم العناد بعيشهم فيه خفية، واستنجادهم كذلك عون السلطان العثمانى، لينصرهم علينا، وظهر لى أن بينهم وبينه مراسلات إسلامية، ومعاملات دينية، وقد تيقنت ذلك من إخبارات صادقة وصلت إلىّ. ومع هذا أن أحداً منهم لم يأت إلينا ليخبرنا بما هم يدبرونه فى هذه المدة بينهم، وفيما سبق من السنين، بل كتموه بينهم؛ علمت بذلك أن كلهم قد اتفقوا على رأى واحد، ودين واحد، ونيتهم واحدة، وظهر لى أيضاً، ولأرباب العقول والمتدينين من القسيسين والرهبان والبطارقة الذين جمعتهم لهذا الأمر واستشرت، ومع أن من ابقائهم بيننا ينشأ عنه فساد كبير، وهول شديد بسلطنتنا، وأن بإخراجهم من بيننا يصلح الفساد الناشىء من إبقائهم بمملكتى، أردت إخراجهم من سلطنتنا جملة، ليزول بذلك الكدر الواقع، والمتوقع للنصارى

<<  <  ج: ص:  >  >>