الذين هم رعيتنا، طائعين لأوامرنا وديننا، ورميتهم إلى بلاد المسلمين أمثالهم، لكونهم مسلمين. انتهى المراد بأكثر لفظه ولم أتعرض لذكر شروط كتبها ودققها.
' فانظر رحمك الله، كيف شهد عدو الدين، الملك الكافر، بأنهم مسلمون، واعترف أنه لم يقدر على إزالة دينهم من قلوبهم، وأنهم متمسكون كلهم به.
مع أنه كان يحرق منهم من ظهر عليه الدين، ثم وصفهم بالعناد لرؤيته فيهم لوائح المسلمين وإماراتهم، فأى علامة أكبر من صبرهم على النار لدين الحق، ومن استنجادهم ملك دين الإسلام المؤيد لحماية الدين، أمير المسلمين السلطان أحمد آل عثمان نصرهم الله تعالى، فهذا غاية الخير والعز والبركة لهذه الطائفة الطاهرة الأندلسية التى قال فيها شيخنا الأستاذ القطب الغوث سيدى أبو الغيث القشاش نفعنا الله به دنيا وأخرى فى بعض مكاتبه التى كان يكاتبهم بها، فقال لى وسلم على هؤلاء الأنصار الأطهار الأخيار فإنه لا يحبكم إلا مؤمن ولا يبغضكم إلا منافق.
" فخرجوا كلهم سنة تسعة عشر وألف. ووجد فى دفاتر السلطان الكافر، أبعده الله تعالى، أن جملة من أخرج من أهل الأندلس كافة، نيف وستمائة ألف نسمة، كبيراً وصغيراً. فكانت هذه الواقعة، منقبة عظيمة، وفضيلة عجيبة، لجماعتنا الأندلس زادهم الله شرفاً بمنه. وأمر أيضاً بإخراج من كان مسجوناً فى كافة مملكته، وكل من كان أمر بإحراقه فأخرجه، وعفا عنه، وزوده وأرسله إلى بلاد الإسلام سالماً. ولا يخفى أن هذا أمر عظيم، ومحال عادة، فسبحان رب السموات ورب الأرض الذى إذا أراد أمراً قال له كن فيكون. فيالها من أعجوبة ما أعظمها، ومن فضيلة ما أشرفها، ومن كرامة ما أجملها، ومن نعمة ما أكبرها، فما سمع من أول الدنيا إلى آخرها مثل هذه الواقعة".
...
وقد صدر قرار النفى كما قدمنا فى ٢٢ سبتمبر سنة ١٦٠٩، وهو يوافق جمادى الثانية سنة ١٠١٨ هـ. ولكن الرواية الإسلامية تضع تاريخ القرار أحياناً فى سنة ١٠١٦ هـ أو ١٠١٧ هـ، وهو تحريف واضح. وأقرب إلى الصحة، ما ذكره ابن عبد الرفيع فى روايته المتقدمة وهو سنة ١٠١٩ هـ (١٦١٠ م).
قال المقرى مؤرخ الأندلس، وقد كان معاصراً للمأساة: "إلى أن كان إخراج النصارى إياهم (أى العرب المتنصرين) بهذا العصر القريب أعوام سبعة عشرة وألف فخرجت ألوف بفاس، وألوف أخر بتلمسان من وهران، وجمهورهم خرج بتونس