للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتمتع فوق ذلك بنقد سليم ثابت (١)، تخرجه دار السكة الملكية التى اشتهرت بأمانتها ودقتها، ولا يتطرق إليه شىء من ذلك الزغل الذى كان فى أحيان كثيرة يؤدى إلى الانهيار المالى.

- ٤ -

وقد أشرنا فى بداية هذا الكتاب، إلى تكوين الأمة الأندلسية فى مراحلها الأخيرة فى ظل مملكة غرناطة، وإلى خصائصها العنصرية. والحقيقة أن المجتمع الأندلسى بمختلف عناصره الأصيلة والدخيلة، كان قد استحال بمضى الزمن، وتعاقب الحوادث والدول، والمؤثرات الإجتماعية والإقليمية، إلى أمة عربية إسلامية ذات طابع مستقل ومميزات خاصة، تدعمها طائفة من الخلال البديعة، وتصقلها حضارة رفيعة زاهرة. ثم قامت مملكة غرناطة التى اجتمعت فيها بقية الأمة الأندلسية لتعرض لنا خلال حياتها الطويلة، المراحل الأخيرة لعظمة الأمة الأندلسية، وحضارتها.

وقد وصف لنا ابن الخطيب فى "الإحاطة"، أحوال المجتمع الأندلسى، وخواصه الجنسية والعقلية والاجتماعية، فى هذا العصر، الذى مالت فيه شمس الأندلس إلى الأفول. فذكر لنا أن الشعب الأندلسى، كان يتمتع بصفات أخلاقية طيبة، وأن صورهم حسنة، وأنوفهم معتدلة، وألوانهم بيضاء، وشعورهم سوداء، وقدودهم متوسطة، وألسنتهم عربية فصيحة، تغلب عليها الإمالة، وأنسابهم عربية، وفيهم كثير من البربر والمهاجرين (٢).

وكان نساؤهم يتميزن بالجمال والسحر، واعتدال السمن، ونعومة الجسم، ورشاقة الحركة، ونبل الكلام، وحسن المحاورة، ولكن يندر الطول فيهن. وقد بلغن فى التفنن فى الزينة شأواً بعيداً، يسرفن فى الأصباغ والعطور، والتزين بنفيس الحلى.

وكان اللباس الغالب بين الأندلسيين شتاء، الملف (٣) المصبوغ على اختلاف أصنافه وألوانه؛ ويرتدون فى الصيف، الكتان والحرير والقطن والأردية الإفريقية، والمقاطع التونسية، والمآزر المشقوقة "فتبصرهم فى المساجد أيام الجمع، كأنهم الأزهار المفتحة، فى البطاح الكريمة، تحت الأهوية المعتدلة" (٤).


(١) ابن الخطيب فى الإحاطة ج ١ ص ١٤٣، واللمحة البدرية ص ٢٩.
(٢) الإحاطة ج ١ ص ١٤٠.
(٣) نسيج من الصوف.
(٤) الإحاطة ج ١ ص ١٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>