ومن نظم عبد الكريم المذكور قوله:
خليلى ما مثلى يقوم ذليلا ... ويحمل من ضيم الزمان ثقيلا
ويرضى بعيش يدال ببسطة ... يحدد من خطب الهموم جليلا
فلا تعذل فى رحيلى عنكما ... فإنى لما أنعى عزمت رحيلا
وقوله حينما اتصل به خبر سقوط جبل طارق فى يد الاسبان:
أوارى أوارى القلب مع شدة ... اللفح فتبكه عين دمعها داهم السفح
وأخفى الذى ألقى من الحزن والأسى ... وظاهر حالى الدهر يؤذن بالصفح
وأبدى من التقطب للفتح حالة تسوء صديقى فى مساء وفى صبح
على أن أعظم شخصية ظهرت فى تلك الفترة القاتمة فى ميدان التفكير والأدب هى شخصية الوزير والكاتب الشاعر أبى عبد الله محمد بن عبد الله العربى المعروف بالشريف العقيلى، وزير أبى عبد الله محمد آخر ملوك الأندلس وكاتبه. وكان فوق تضلعه فى الفقه، إمام عصره فى النثر والنظم، وقد وصفه الوادى آشى بأنه "شاعر العصر، مالك زمامى النظم والنثر" وبأنه "إمام هذه الصناعة، وفارس حلبة القرطاس والبراعة، وواسطة عقد البلاغة والبراعة". ووصفه أيضاً بحق بأنه خاتمة أدباء الأندلس.
ومن شعره يمدح السلطان أبا عبد الله حينما ولاه منصب الكتابة قوله:
أوجه سعدى انحط عنه اللثام ... أم بدر أفقى فض عنه الغمام
كأنما أقبس نور البها مـ ... ـن وجه مولانا الإمام الهمام
ابن أبى الحسن الأسرى الذى ... قد كان للأملاك مسك الختام
ضرغام قد أنجب شهباً له ... فى صدق بأس ومضاء اعتزام
دام له النصر الذى جاءه ... والسيف من طلى أعاديه دام
ومنه قوله حينما نزل النصارى بمرج غرناطة:
بالطبل فى كل يوم ... وبالنفير نراع
وليس من بعد هذا ... وذاك إلا القراع
يا رب خيرك يرجو ... من هيض منه الذراع
لا تسلبنى صبرا .. منه لقلبى ادراع