للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبه وهو عبد الملك بن أبى عامر ولد الحاجب المنصور، وتاريخ صنعه وهو سنة ٣٩٥ هـ (١٠٠٥ م)، ويحفظ اليوم بمتحف كنيسة بنبلونة العظمى، ويوجد فى مدينة جيرونة صندوق بديع الصنع من أيام الحكم الثانى، وفى كتدرائية مدينة سمورة صندوق آخر يرجع إلى نفس العصر. ويوجد من تحف العهد الغرناطى كثير من النقوش والزخارف المرمرية التى تحفظ اليوم بمتحف غرناطة، وفى متحف مدريد الوطنى مصباح برونزى رائع الصنع أصله من مصابيح مسجد الحمراء؛ وتوجد فى متحف الحمراء جرة كبيرة من القيشانى الملون زينت بزخارف مذهبة رائعة، وهى من مخلفات قصر الحمراء. هذا إلى طائفة كبيرة أخرى من التحف البرونزية والمعدنية والخزفية، والبسط والأنسجة الأندلسية والموريسكية، مبعثرة فى مختلف المتاحف الإسبانية. وقد أتيح لنا أن نشاهد معظم هذه التحف الفريدة، وأن نتأمل روائعها (١).

هذا وقد برع الأندلسيون فى الصناعات الفنية الدقيقة، مثل صناعة الحلى الفائقة والتحف العاجية والجلدية، ونافسوا فيها صناعة بيزنطية. ومازالت بعض المدن الأندلسية القديمة مثل قرطبة وطليطلة وغرناطة تحتفظ حتى اليوم فى بعض صناعاتها الدقيقة، ببقية من هذه البراعة الفنية الأندلسية. فما زالت طليطلة تشتهر حتى يومنا بصناعة الأسلحة المزخرفة، وتشتهر قرطبة بصناعة الجلود الدقيقة المزخرفة. وكانت غرناطة بالأخص تتفوق فى صنع الأقمشة الحريرية المذهبة، والبسط الأنيقة، والتحف البرونزية والزجاجية والأساحة، وكانت أنسجتها المطرزة بالذهب تخلب ألباب الشعوب الأوربية. وهى مازالت حتى اليوم تتفوق فى أصناف من الدانتلا الرائعة. وهذه الصناعات اليدوية الدقيقة مازالت متأثرة بجمال الزخرف الإسلامى أعظم تأثير. وكانت القصور والمعاهد العامة، والمساجد الجامعة بالأندلس فى تلك العصور، معرضاً لأبدع ما تمخض عنه الفن الرفيع يومئذ من صنوف الزخارف والرسوم والتحف الفنية. ومن ذلك أنه كان بجامع قرطبة تنور من نحاس أصفر يحمل ألف مصباح، وقد زين بصور ونقوش رائعة، يعجز عن وصفها القلم (٢). وقد امتازت المدرسة المحافظة بالتفوق فى نوع جديد


(١) نشرنا أوصاف هذه التحف الأثرية الأندلسية وصورها فى كتابنا الآثار الأندلسية الباقية فى اسبانيا والبرتغال - الطبعة الثانية. ص (٣٧ و ٤٣ و ١٨١ و ٣٢٠ و ٣٣٧ و ٣٥٥).
(٢) نفح الطيب ج ٣ ص ٢٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>