غرناطة، ومنار إشبيلية (وهو اليوم برج الأجراس لكنيستها العظمى)، إذا تركنا هذه الصروح الأندلسية العظيمة الباقية جانباً، كان معظم الصروح والآثار الأندلسية التى قدر لها أن تنجو من أحداث الزمن، يتمثل فى بضعة أنواع معينة من المنشآت الأثرية يمكن حصرها فيما يلى:
أولا - القصبات الأندلسية، والقصبة هى القلعة وملحقاتها، وكانت تبنى عادة فوق أعلى ربوة تشرف على المدينة، وتستعمل للسيطرة عليها والدفاع عنها، كما تستعمل مقراً للأمير أو الحاكم، ويلحق بها عادة قصر ومسجد. والقصبة هى أكثر الآثار الأندلسية ذيوعاً، ولا تكاد تخلو قاعدة أندلسية قديمة حتى اليوم من القصبة أو بعض أطلالها، وتوجد أشهر القصبات الأندلسية اليوم فى مالقة وألمرية وجبل طارق وشاطبة وبطليوس وماردة باسبانيا، وشلب وأشبونة وشنترة وشنترين بالبرتغال.
ثانياً - القصور، وهى الكلمة التى حرف الإسبان مفردها إلى كلمة Alcazar أى القصر. وتوجد فى طليطلة وإشبيلية وغرناطة، وإطلاق هذه الكلمة الإسبانية على صرح من الصروح الأثرية، يفيد فى الحال أنه يرجع إلى أصل أندلسى أو أنه أنشىء على أنقاض قصر أندلسى، كما هو الشأن فى قصر إشبيلية Alcazar de Sevilla.
ثالثاً - القناطر الأندلسية، وتوجد منها نماذج فى طليطلة، وقرطبة، ورندة، وغرناطة. كذلك يوجد كثير من بقايا الأسوار والأبواب والحمامات الأندلسية القديمة، والأطلال التى تركت إلى جانب بعض الكنائس، التى أقيمت فوق أنقاض المساجد القديمة، من منارات حولت إلى أبراج للأجراس، ومن عقود أو أسوار أو مشارف دارسة، كما يوجد عدد عديد من الذخائر والتحف واللوحات الأندلسية المبعثرة هنا وهناك، وفى بعض الكنائس والمتاحف الإسبانية، وهذا كله إلى ما خلفه الفن الأندلسى من أثر خالد، فى طراز كثير من الصروح الإسبانية التاريخية، من كنائس وقصور وأبواب وعقود، وفى زخارفها ونقوشها، وما خلفه فن المدجنين الذى اشتق من الفن الأندلسى، من الآثار الظاهرة، فى طراز كثير من الصروح التى أنشئت فى مختلف المدن الإسبانية، منذ القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر وذلك حسبما أشرنا من قبل