للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومئذ، وقد كانت هذه الأرقام، تفرض على النواحي، ويؤخذون بها غير منتقصين لها، إلا لعذر قاهر أو لجدب بين. ومن ذلك كورة إلبيرة (غرناطة) ألفان وتسعمائة، وجيان ألفان ومئتان، وقبرة ألف وثمانمائة، وباغة تسعمائة، وتاكرنا ميتان وتسعة وستون، والجزيرة مايتان وتسعون، وإستجة ألف ومايتان، وقرمونة مائة وخمسة وثمانون، وشذونة ستة آلاف وسبعمائة وتسعون، وريُّه ألفان وستمائة وسبعة، وشريش ثلاثمائة واثنان وأربعون، وفحص البلوط اربعمائة، ومورور ألف وأربعمائة وثلاثة، وتدمير مايتان ... أما قرطبة العاصمة فكانت تترك لاجتهادها وهمتها، ويحشد أبناؤها بطريق التطوع خلافاً لأهل النواحي الأخرى. وكانت هذه الفرق تسمى بفرق الفرسان المستنفرين ويجرى "استنفارهم" أوقات الصوائف، أو كلما بدرت من العدو حركة اعتداء على أهل الثغور.

فاذا ذكرنا أن هذه الأرقام تتعلق بنواحي الأندلس فقط، وإذا ذكرنا بعد ذلك حشود المشاة المستنفرة والمتطوعة، استطعنا أن نقدر ضخامة الجيوش التي كانت الدولة الأندلسية تستطيع تعبئتها يومئذ (١). وأما الأسطول فقد عمل محمد، على إنشائه، لحماية الشواطىء الغربية ولغزو مملكة جليقية من ناحية البحر. وفي سنة ٨٦٦ م (٢٥٢ هـ) سارت السفن الأندلسية بالفعل إلى شواطىء جليقية بقيادة أمير البحر عبد الحميد بن مغيث، ووصلت إلى مصب نهر منهو. ولكنه لم يوفق إلى تحقيق بغيته، إذ عصفت الرياح بالسفن فتفرقت وغرق معظمها في المياه الغربية (٢).

وعنى محمد كذلك بتحصين أطراف الثغور، وأقام عدة من المحلات والقلاع الدفاعية، المنيعة فابتنى حصن شنت إشتيبن لحماية مدينة سالم، وابتنى حصن طلمنكة وحصن مجريط بمنطقة وادي الحجارة، للدفاع عن طليطلة، وكان شديد الإستخبار عن الثغور، والبحث في مصالحها.

وبالرغم مما كان يقتضيه الجهاد المتواصل من النفقات الضخمة، فقد كان الأمير محمد يبذل وسعه لتخفيف الضرائب عن كاهل شعبه، وقد رفع عن أهل قرطبة ضريبة " الحشود "، واكتفى بدعوتهم إلى التطوع والجهاد في سبيل الله،


(١) مخطوط القرويين لوحة ٢٥٤ ب. وراجع البيان المغرب ج ٢ ص ١١١.
(٢) البيان المغرب ج ٢ ص ١٠٦، و Aschbach: Geschichte der Omajaden in Spanien ; B.I.s. ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>